آخر صناع أقمشة "البروكار" في المغرب

الكاتب : وكالات

01 مايو 2019 - 04:30
الخط :

يقوم عبد القادر الوزاني آخر صناع أقمشة "البروكار" في المغرب بالحركات نفسها من دون كلل منذ 63 سنة داخل مشغله البسيط في قلب مدينة فاس إحدى عواصم المغرب التاريخية.

ويقول الوزاني (79 سنة) "هذه الحرفة في طور الاختفاء كانت فاس تضم عدة صناع، لكنهم رحلوا جميعا ولم تبق سوى الذكريات".

تخرج من بين أنامل هذا الحرفي المثابر أقمشة حريرية متلألئة تتخللها خيوط ذهبية أو فضية.

وتستخدم في الأزياء الخاصة بحفلات الزفاف أو غيرها من منتجات مصممي الأزياء أو الأثاث الفاخر.

ويعتمد نسج هذه الأقمشة التي تعرف باسم "البروكار" على نول حياكة.

يستعين الوزاني بكل قواه الجسدية في تحريك هذه الآلة، لكن "فنون الصنعة" تقوم أيضا على الحساب على ما يقول الرجل المسن الذي تشرب تلك الفنون في شبابه حين "لم تكن توجد آلات".

ويستطرد موضحا "كل شيء محسوب كل خيط يتبع مساره بحساب".

ويجلس بجانب "المعلم" الوزاني، كما يسمى رواد الصنائع التقليدية في المغرب، مساعد مهمته تحريك الخيوط وفقا لما يتطلبه التصميم. وتستغرق حياكة متر واحد من هذا القماش يوما كاملا.

ويستقطب مشغل الوزاني السياح بالنظر لفرادة صنعته التي باتت مهددة بالزوال. وقد أتت مجموعة من السياح التايلانديين لزيارة المشغل.

ويوضح مرشدهم السياحي محمد أخضا بفخر "ليس متاحا لأي كان رؤية هذا المشهد إنه الأخير الذي يعمل هكذا".

ويشير مقال نشر سنة 1950 في مجلة "هسبيريس" العلمية المتخصصة في التاريخ إلى أن "صنعة البروكار في فاس تقليد اختفى من باقي ربوع شمال إفريقيا".

منوها إلى أنه فن متوارث في المغرب منذ عصر الدولة المرينية على عهد أول سلاطينها في القرن الثالث عشر.

ويؤكد أخضا للسياح التايلانديين أن مشغل الوزاني هو "آخر ما تبقى في المغرب بينما كانت توجد أربع أو خمس ورشات أخرى إلى حدود الخمسينات من القرن الماضي".

ولا تعمل سوى واحدة من الآلات الأربع الموضوعة داخل هذا المشغل المظلم بسبب غياب صناع يحملون المشعل عن "المعلم".

ويأسف الوزاني قائلا "لم يعد الناس يرغبون في تعلم هذه الصنعة لا أحد يهتم بها". وتسجل لافتة لمكتب السياحة المغربي علقت حديثا قبالة مدخل المشغل أن "مستقبل هذا الصانع الأنيق مهدد اليوم".منوهة إلى أنه "معلم لا يعلى عليه" في هذا الميدان.

ومن أسباب انحسار هذه الصنعة تطور الموضة وتراجع استعمال بعض الاكسسوارات التي كانت تصنع من أقمشة "البروكار" مثل الأحزمة النسائية العريضة الملونة التي اشتهر بها الصناع الفاسيون.

ثم جاءت الضربة القاضية بتطور منتجات الصناعة العصرية. وتعرض بعض محلات التذكارات في فاس كما في مدن أخرى نماذج مصنوعة في الصين عديمة الجودة.

ويعمل الوزاني بناء على طلبات مسبقة من زبائن يعتبرهم "نخبة النخبة" وتراوح قيمة الأقمشة النادرة التي يصنعها بين ألف وخمسة آلاف درهم (حوالى 100 إلى 500 يورو) تبعا لمدى بساطة أو تعقيد تشكيلها.

ويعتبر الجهاز اللوحي الذي يستخدمه لاستعراض صور أجمل تصاميمه وصور أحفاده الآلة العصرية الوحيدة في مشغله المليء بقطع أثاث عتيق.

وتظهر بعض الشهادات التقديرية التي حصل عليها معلقة على الجدران بجانب صور بالية لبعض الأزياء المصنوعة من أقمشة "البروكار".

ويخفي "المعلم" الوزاني "كنوزه" في خزانة خشبية صغيرة يكسوها غطاء يعلوه الغبار. ويبسط بفخر قطعة قماش يبلغ طولها ستة عشر مترا هي عبارة عن نماذج لتصاميمه المستوحاة من التقاليد الأندلسية أو الفنون الشرقية أو الأوروبية.

ويشير إلى نموذج صمم منه قفطانا لمتجر "كوليت" الشهير في باريس عارضا بفخر صورة تظهر التصميم في واجهة المتجر الذي أقفل أبوابه العام 2017.

آخر الأخبار