تحذيرات برلمانية من دواء يتحول إلى مهلوس خطير بين أيدي الشباب

في سياق اجتماعي يزداد فيه القلق من تفشي ظواهر العنف والانحراف السلوكي، تعيش العديد من المدن المغربية على وقع تصاعد خطير في استهلاك بعض الأدوية ذات التأثير المباشر على الصحة النفسية والعقلية.
هذا الدواء، الذي يُصرف قانونياً لعلاج اضطرابات عصبية ونفسية دقيقة كالصرع وآلام الأعصاب المزمنة والقلق العام، تحوّل في أوساط عدد من الشباب والمراهقين إلى مادة مخدّرة تُستهلك بطريقة غير قانونية، بعيداً عن إشراف الأطباء والصيادلة.
ويرى مهنيون في القطاع الصحي أن الظاهرة لم تعد معزولة أو ظرفية، بل تحوّلت إلى سلوك مجتمعي مقلق يتطلب تدخلاً عاجلاً وشاملاً من مختلف الجهات المعنية، الصحية والأمنية والتشريعية.
ودخل البرلمان على الخط، حيث وجه النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، عمر الأزرق، سؤالاً كتابياً إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، حذّر فيه من الاستمرار في التهاون أمام ما وصفه بـ"الاستهلاك المتنامي والخطير" لبعض الأدوية مثل دواء (Lyrica) واسمه العلمي بريغابالين (Pregabalin)، و الذي يُستخدم لعلاج عدة حالات، كالصرع (كنوبة جزئية) وآلام الأعصاب (خصوصًا المرتبطة بالسكري أو إصابات الحبل الشوكي ) والقلق العام الفيبروميالغيا (Fibromyalgia).
وأبرز في معرض سؤاله، أن هذه العقاقير يتم تداولها خارج القنوات القانونية، بل ويُساء استخدامها من طرف فئات وصفها بـ"ضعف العقول والمتهورين"، ما يساهم في تغذية مشاهد العنف والفوضى بالمجال العام.
بناء عليه تساءل النائب البرلماني عن التدابير و الإجراءات التي تعتزمون اتخاذها لمعالجة إشكالية التعاطي و الاستهلاك المتنامي لبعض الأدوية المهلوسة و الخطيرة على الصحة النفسية و العقلية للمواطنين في علاقة بما تسفره من مظاهر إجرامية بمختلف ربوع و أرجاء المملكة؟، وهل من توضيحات بشأن مصدر هذا النوع من الأدوية المهلوسة حرصا على صحة المواطن و المنظومة الصيدلانية كجزء لا يتجزأ من المنتوجات المستهلكة بالسوق الوطنية ببلادنا ؟
وتعزز شهادات عدد من المهنيين في قطاع الطب والصيدلة هذه المخاوف، إذ يؤكد خبراء أن الأدوية مثل "ليريكا" أصبحت تُستعمل اليوم بطريقة تشبه المخدرات التقليدية، إذ تمنح شعوراً زائفاً بالاسترخاء والنشوة، لكنها تُسبب في المقابل آثاراً جانبية شديدة الخطورة، تبدأ بالدوخة والنعاس، وقد تصل إلى تغيّر السلوك وتفاقم الاضطرابات النفسية والعقلية، خصوصاً حين يتم تناولها بجرعات زائدة أو مزجها بمواد كحولية أو منبهة.
ويرى المختصون أن التراخي في تتبع صرف هذه الأدوية داخل الصيدليات، وضعف أنظمة المراقبة، إضافة إلى غياب قاعدة بيانات وطنية لضبط الوصفات الطبية، عوامل أساسية ساهمت في تسربها نحو السوق السوداء واستعمالها لأغراض غير علاجية.
وفي انتظار بلورة سياسة متكاملة لمواجهة الظاهرة، تبقى أصوات الأسر والمجتمع المدني مطالبة برفع مستوى اليقظة، وتنبيه الجهات الرسمية.