جون بولتون: إقالة بطعم مر للجزائر والبوليساريو

الكاتب : الجريدة24

12 سبتمبر 2019 - 09:45
الخط :

ماذا بعد إقالة جون بولتون، مستشار الرئيس الأمريكي في شؤون الأمن القومي؟

الجواب عن هذا السؤال يفرض تقديم العديد من التحليلات والقراءات المرتبطة بعدد من الملفات الشائكة، التي تتدخل فيها الإدارة الأمريكية من الملف النووي الإيراني إلى العلاقة مع دولتي الصين وكوريا الشمالية.

لكن الأكيد أن هذه القراءات سوف تتقاطع في اعتبار رحيل بولتون، سيؤثر لا محالة على مقاربته التي كانت دائما تنحو نحو منهج الصدام أكثر من سلك طريق المفاوضات.

وفي العلاقة مع المغرب، فمن دون شك فإن لهذه الإقالة تأثير بالغ على ملف قضية الصحراء المغربية.

فجون بولتون يعد واحدا من أبرز المتتبعين بشكل جيد لهذا الملف والمدافعين بشكل شرس على الأطروحة الجزائرية والانفصالية.. جون بولتون لم يخف يوما دعمه لفرض الاستفتاء في الصحراء المغربية، لم ولا وهو كان اليد اليمنى لجيمس بيكر، الذي يعد من أشرس المبعوثين الأمميين في الملف المدافعين عن مبدأ "تقرير المصير" بتصور البوليساريو.

وبعدما اتضح أن الدفع باتجاه توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان لن يجد نفعا وسيصل إلى الباب المسدود، تمكن بولتون من خلق جدل بشأن جدوى وجود قوات حفظ السلام من الأصل في محاولة لإحراج المملكة، وهنا نجد تصريحا لجون بولتون بعد تعيينه في عرض قدم بمؤسسة "هريتدج للأبحاث"، تحدث فيه عن بعثات حفظ السلام بإفريقيا، ومن بينها بعثة المينورسو بالصحراء، حيث عبر عن "استغرابه، من فشلها، بعد مضي 27 سنة على عملها"، كاشفا أن "الإدارة الأمريكية، ستعيد النظر بخصوص الدعم المقدم للبعثات، حتى تضمن أن نتائجها ستكون إيجابية".

ولهذا كان من الواضح أن بصمته حاضرة في تقليص مدة بعثة المينورسو من سنة إلى 6 أشهر، وهو القرار الذي جاء مباشرة بعد تعيينه في شهر مارس 2018، لاسيما وأن حماسه للملف جعله في لحظات كثيرة يضيق الخناق على المبعوث الأممي في نزاع الصحراء ويحاول فرض أجندته عليه.

إن هذا الحماس للأطروحة الجزائرية استرعى انتباه باحثة أمريكية وهي برونوين بروتون، نائبة رئيس مركز دراسات أمريكي يوجد مقره في واشنطن، التي قالت في تصريح نقله موقع القناة الثانية: "حين يتعلق الأمر بقضية الصحراء، أجد أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتنون يتخذ الأمر على محمل شخصي، بالنظر إلى أنه كان يشتغل مساعدا لجيمس بيكر عندما عين مبعوثا شخصيا للأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان إلى الصحراء. ولا أرى أنه يتخذ المسألة بشكل موضوعي".

لكن ليس هذا هو السبب الوحيد للحماس الذي يعبر عليه دائما وأبدا جون بولتون في قضية الصحراء، وإنما هناك أسباب أخرى، إذ سبق لموقع Le360 أن نشر مقالا يوم تاسع ماي الماضي يبرز فيه من خلال معلومات كشف عنها رئيس المنتدى الصحراوي-الكناري، ميغيل أورتيز، يؤكد فيها أن الجزائر تقدم شهريا مبلغ 26.000 أورو (286.000 درهم) لشركة استشارة أمريكية  (Keene Consulting) الذي يديرها دافيد كين المقرب من جون بولتون.

ويضيف الموقع نفسه أن دافيد كين، الذي كان كان رئيسا سابقا للجمعية الوطنية للبنادق، وهو لوبي قوي في أمريكا، قد عين في السابق جون بولتون لتحمل مسؤولية تدبير الشؤون الدولية. ويشير الموقع الإلكتروني إلى أن دافين كين استغل أعمدة واشنطن تايمز من أجل تمرير مواقف تدافع عن الأطروحة الجزائرية إزاء ملف الصحراء.

لقد كان واضحا أن الصحافة الانفصالية تلقت بخيبة أمل إقالة جون بولتون ويكفي مقارنة حماسها في البداية عند تعيينه، وبالتالي فإن كلا من الجزائر والبوليساريو، تفقدان ورقة مهمة كانت تؤثر في القرار الأمريكي إزاء قضية الصحراء لصالحهما، في مقابل ذلك ومن دون شك فإن الدبلوماسية المغربية تلقت باتياح قرار الإقالة خاصة وأنها كانت تتعامل معه بحذر شديد عندما كان يؤدي وظيفته مستشارا للأمن القومي.

ولكن بعدما أقيل هذا الذي خلخل توازنات الملف على مستوى الإدارة الأمريكية، فإن الدبلوماسية المغربية يجب عليها العمل من أجل عودة النزاع مساره العادي، ولعل أبرز تمثل للوضع الجديد هو إقبار النقاش بشأن الجدوى من المينورسو أو توسيع صلاحيتها، ومن جهة ثانية الحرص على صدور قرار واحد في السنة عن مجلس الأمن عوض كل ستة أشهر التي فرضها بولتون على أطراف النزاع.

آخر الأخبار