العثماني.. وحكاية الدقيقة ونصف

الكاتب : الجريدة24

31 ديسمبر 2019 - 09:55
الخط :

يونس فنيش

تابعت مقتطفا من مداخلة السيد رئيس الحكومة و زعيم حزب العدالة و التنمية في البرلمان، يومه 30 دجنبر 2019، صدفة عبر الفايس بوك بالصوت و الصورة، حيث يقول فخامته بأننا أصبحنا ننتج سيارة "كل دقيقة و نصف".

يا له من خبر مفرح صراحة، فلا شك و أن وراء هذا الإنتاج عمل جبار استطاع جلب استثمار مهم لابد و أنه يوفر الشغل لعدد محترم من اليد العاملة المغربية.

ولكن، ربما أن هناك فرق بين إنتاج و تركيب السيارات من جهة، و صناعتها من جهة أخرى... فهل لدينا سيارة مغربية صنعناها بتصميم مغربي و هندسة مغربية، و كفاءة مغربية، أم أننا مازلنا نكتفي فقط باستقبال معامل أجنبية تصنع سياراتها على أرضنا فقط...؟ "داسيا" و "بوجو" و "رونو"، مثلا، تظل سيارات فرنسية ولو تم إنتاجها في المغرب، أليس كذلك؟

ثانيا، هل جلب الإستثمار الأجنبي من أجل إنتاج أو تركيب سيارات أجنبية في المغرب تم بمجهود فخامته، رئيس الحكومة الحالية و زعيم حزب العدالة و التنمية...؟ لا أظن. فإنتاج السيارات في المغرب أو تركيبها يرجع لما قبل تولي حزبه رآسة الحكومة بسنين و سنين، أليس كذلك؟

فإذا اعتبرنا أننا حققنا في ما مضى خطوات مهمة مكنتنا من جلب بعض الإستثمارات الأجنبية، فهل مصيرنا أن نظل مجرد مستهلكين لصناعات الغير، غير متوفرين على أدنى صناعة محلية مغربية محضة؟ أم أننا قاصرون لا ذكاء لنا، و لا قدرة، و لا أهلية، و لا شهامة، و لا اندفاع واثق من طرفنا لغزو المستقبل بتفوق و نجاح؟ لا، طبعا..!

لا يمكن لحزب العدالة و التنمية من الإستمرار في تبني الإنجازات الماضية غير الكافية بثاتا، نظر لسرعة العصر، و بدون موجب حق، و إلا لاستمرت الفكرة "التقدمية"، و الله أعلم، بأنه حزب "ماضوي" لا و لن يأتي بجديد أبدا فكرة ثابتة...

إننا في المغرب نطمح إلى تشييد صناعة حقيقية التي لولاها لن تكون التنمية من نصيبنا أبدا؛ فهل من مخطط محكم من لدن حزب العدالة و التنمية في هذا الصدد؟ هذا هو السؤال. فلا وهم و لا أوهام بدون تحقيق هدف التصنيع.

ولكن لابد من التوفر أولا على قدرة التخيل العلمي النافع المجتهد، المطلوب في هذا المجال كمرحلة انتقالية. و أما في غياب لا فكرة و لا أفكارا علمية مبنية على بحث و أعمال و تصاميم قابلة للتطبيق، فيا للهول...!

التنمية لها شروطها التي لابد أن تنطلق، بادىء ذي بدء، من تدارك جميع الأخطاء المرتكبة و التي تنعكس على المجتمع فتصيبه في مقتل بلعنة فقدان الثقة، و العدمية، و مرض الكسل و الهوان، و داء الأنانية، نظرا لانتشار فكر انهزامي هدام ناتج عن الشعور باستحالة رد الإعتبار للمظلومين في شتى المجالات؛ و تنتهي، بعد معالجة أمور أخرى (...)، بتحقيق لفت انتباه جميع مكونات المجتمع من خلال إعداد و نشر مخطط علمي محكم يقدم خريطة طريق عملية شاملة، غير لفظية فقط (...)، يتجمع الناس حولها و يسعون لإنجاح تطبيقها.

الشعب وحده من يستطيع تحقيق التنمية من خلال ثقته في كل مخطط علمي صادق غير منقول من إبداعات الغير، طبعا، و لو ربما بطرق فنية غاية في "التحايل" و "التشكيل".. تحقيق التنمية يقتضي إشراك الشعب أولا و قبل كل شيء، ولكن ليس بالطرق القديمة، بل بكسب ثقته في الحكومة و المؤسسات حقيقة، ولن يتأتى ذلك سوى بقرارات جريئة تقطع مع بعض ترسبات و مخلفات ماض مؤلم أصابت، منذ عقدين، بعض ذوي النيات الحسنة، كما شلت تجمعات و تجمعات يبقى المغرب في أمس الحاجة إلى مساهمتها في تشييد مغرب الغد الصناعي المنتج غير المستهلك المستورد في غياب أدنى تصدير معتبر.

هذه رسالتي الموجزة، أو مجرد تعقيبي على ما صدر على فخامته السيد رئيس الحكومة زعيم حزب العدالة و التنمية، الذي تابعت له مداخلة في البرلمان تمجد بإنتاجنا لسيارة "كل دقيقة و نصف"... فملخص السؤال يتعلق بما أنتجه أو حققه حزبه على مدى قرابة عقد من الزمان في مجال التصنيع، بلا لف و لا دوران، و ليس بما وصلنا إليه من دونه. معذرة على الصراحة و شكرا على سعة الصدر.

في انتظار رد مباشر، و تفسير واضح، و شرح مفصل في هذا الموضوع، في إطار تواضع حكومي استثنائي مطلوب، فليتقبل القراء الشرفاء الأعزاء جميعهم أفضل المتمنيات بمناسبة السنة الجديدة 2020 التي أتمنى أن تكون أفضل من سابقاتها...

آخر الأخبار