خبراء الحليمي يقرأون فنجان المغرب الاقتصادي في 2020

الكاتب : الجريدة24

14 يناير 2020 - 12:00
الخط :

تعتمد الآفاق الاقتصادية الوطنية لسنة 2020 على المقتضيات الجديدة المعلنة في القانون المالي لسنة 2020، خاصة فيما يتعلق بتدابير السياسة الجبائية ونفقات الاستثمار والتسيير.

كما ترتكز هذه التوقعات، بناء على مستوى التساقطات المطرية إلى غاية نهاية شهر دجنبر 2019، على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2019-2020، وعلى تعزيز أنشطة الزراعات الأخرى وتربية الماشية.

وتعتمد هذه الآفاق كذلك على تحسن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب بحوالي 3% سنة 2020 عوض 1,5% سنة 2019 وعلى الانتعاش المرتقب لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وللاستثمارات الخارجية المباشرة بعد النتائج غير الملائمة التي سجلتها سنة 2019.

بناء على كل هذه الفرضيات، ستعرف القيمة المضافة للقطاع الأولي زيادة تقدر ب 6,4% سنة 2020 عوض انخفاض ب 4,3% سنة 2019.

وستسجل الأنشطة الثانوية، دون احتساب أنشطة الطاقة، تحسنا ب 3% سنة 2020 عوض 2,3% المقدرة سنة 2019، مستفيدة من النتائج الجيدة التي يتوقع أن تعرفها أنشطة قطاع المعادن والصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية وكذا انشطة الصناعات الميكانيكية والثقيلة والكهربائية، خاصة نتيجة التحسن المرتقب للطلب الخارجي.

بالموازاة مع ذلك، ستتعزز وتيرة نمو القيمة المضافة للقطاع الثالثي في حدود 3,1% سنة 2020، نتيجة تحسن أنشطة الخدمات التسويقية، خاصة تلك المرتبطة بقطاعي التجارة والنقل التي ستستفيد من تحسن الطلب الداخلي.

وبخصوص أنشطة الخدمات غير التسويقية، فإن قيمتها المضافة ستعرف زيادة ب 3% سنة 2020، نتيجة تطبيق الشطر الثاني من الزيادة في الأجور.

وإجمالا، ستسجل الانشطة غير الفلاحية ارتفاعا ب 3% سنة 2020 عوض 3,3% سنة 2019. وبناء على الزيادة المرتقبة في الضرائب والرسوم الصافية من الإعانات ب 4,2%، يتوقع أن يسجل الناتج الداخلي الإجمالي نموا ب 3,5% سنة 2020 عوض 2,3% المقدرة سنة 2019. وعلى المستوى الإسمي، سيعرف الناتج الداخلي الإجمالي زيادة ب 4,7% عوض 3,2% سنة 2019، الشيء الذي سيؤدي إلى ارتفاع طفيف لمعدل التضخم المقاس بالسعر الضمني للناتج الداخلي الإجمالي، ب1,1% سنة 2020 عوض 0,8% سنة 2019.

استمرار المساهمات السالبة للطلب الخارجي الصافي

سيواصل الطلب الداخلي دعمه للنمو الاقتصادي خلال سنة 2020، حيث ستتحسن وتيرة نموه، نتيجة زيادة الاستهلاك النهائي الوطني والارتفاع المرتقب للاستثمار الإجمالي.

وهكذا، سيعرف استهلاك الأسر تحسنا ب 3,5% عوض 3,3% سنة 2019، مستفيدا من التأثيرات الإيجابية المرتقبة للموسم الفلاحي 2019-2020 وكذا التحسن المتوقع للمداخيل الواردة من باقي العالم.

وسيعرف استهلاك الإدارات العمومية زيادة ب 3,7% عوض 3,5% سنة 2019، نتيجة تسارع وتيرة نفقات التسيير دون احتساب الأجور. وإجمالا سيعرف الاستهلاك النهائي الوطني نموا بوتيرة ب 3,6% سنة 2020، لتستقر مساهمته في النمو الاقتصادي في حدود 2,7 نقط عوض 2,6 نقط سنة 2019.

وسيستفيد التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت من مواصلة إنجاز مشاريع البنية التحتية الكبرى، ليسجل بذلك ارتفاعا بحوالي 2,8% سنة 2020 عوض 2,4% سنة 2019، حيث ستصل مساهمته في النمو إلى 0,8 نقطة عوض0,7 نقطة سنة 2019. وبناء على التغير في المخزون، سيرتفع حجم الاستثمار الإجمالي ب 5,1% لتبلغ مساهمته في النمو حوالي 1,7 عوض 0,2 نقطة سنة 2019.

في ظل هذه الظروف، سيتحسن الطلب الداخلي ليصل معدل نموه إلى %4 سنة 2020 عوض %2,4، مساهما في النمو الاقتصادي بحوالي 4,4 نقط بعد 2,7 نقط المقدرة سنة 2019.

وبخصوص الطلب الخارجي، سيسجل حجم الصادرات زيادة ب 5,4% عوض 4,2% سنة 2019، مستفيدا من التحسن المرتقب للظرفية الاقتصادية العالمية سنة 2020، حيث يتوقع أن تتعزز النتائج الجيدة التي لأنشطة قطاعات المهن العالمية والقطاعات التصديرية التقليدية.

ومن جهتها، ستسجل الواردات ارتفاعا بوتيرة أعلى ستصل إلى حوالي 6,1% عوض 4,2% سنة 2019.

وبالتالي سيواصل الطلب الخارجي تسجيل مساهمات سالبة في النمو للسنة الثالثة على التوالي، لتصل إلى حوالي 0,9- نقطة سنة 2020 عوض 0,4- نقطة سنة 2019.

وبالأسعار الجارية، سترتفع الصادرات من السلع والخدمات ب 5,7% سنة 2020، بينما ستعرف الواردات زيادة ب 5,3% عوض 1,9% سنة 2019. وبالتالي، سيستقر عجز الموارد في حدود 10,8% من الناتج الداخلي الإجمالي.

تراجع طفيف لمعدل الدين العمومي

ستتميز المالية العمومية سنة 2020 بتقوية تحصيل المداخيل الجبائية، نتيجة التحسن المرتقب للنمو الاقتصادي الوطني والتدابير الهادفة إلى تعبئة الموارد الضرورية لتغطية النفقات الإضافية المرتبطة بالبرامج المعلنة في القانون المالي.

وبالمثل، ستتعزز المداخيل غير الجبائية بالآليات الجديدة لتمويل الاستثمارات العمومية وبمساهمة مداخيل الخوصصة.

وستمكن هذه الظروف، من تحسن المداخيل الجارية إلى حوالي 21,7% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020 عوض 21,5% سنة 2019.

وبخصوص النفقات الجارية، فإنها ستواصل منحاها التصاعدي لتصل إلى 19,7% من الناتج الداخلي الإجمالي.

ويعزى ذلك أساسا إلى زيادة نفقات التسيير دون احتساب الأجور ب 6,9% وارتفاع نفقات الأجور ب 7,5%، نتيجة تكلفة نفقات المناصب المالية المبرمجة خلال سنة 2020.

غير أن نفقات دعم أسعار الاستهلاك ستواصل منحاها التنازلي لتستقر في حوالي 14 مليار درهم، بالنظر لاستمرار تراجع أسعار المواد الأولية. وبناء على نفقات الاستثمار بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي في حدود 6% من الناتج الداخلي الإجمالي، سيستقر عجز الميزانية خلال سنة 2020 في حوالي 3,7% من الناتج الداخلي الإجمالي.

في ظل هذه الظروف، يتوقع أن يبلغ معدل الدين الداخلي للخزينة 52,1% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 52% سنة 2019، في حين سيستقر دينها الخارجي في حدود 14% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 14,2% خلال السنة الماضية. وإجمالا، سيتراجع معدل الدين الإجمالي للخزينة بشكل طفيف ليستقر في 66% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 66,2% سنة 2019.

وبناء على تطور الدين العمومي المضمون، الذي يمثل 16% من الناتج الداخلي الإجمالي، سيصل الدين العمومي الإجمالي إلى حوالي 82% من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 82,3% سنة 2019.

تراجع عجر الحساب الجاري

بناء على ارتفاع الاستهلاك النهائي الوطني، بالأسعار الجارية، ب 4,6% ونمو الناتج الداخلي الإجمالي الإسمي ب 4,7%، سيعرف الادخار الداخلي تحسنا ب 5,1% ليبلغ معدله حوالي 22,7% من الناتج الداخلي الإجمالي بعد المنحى التنازلي المسجل منذ سنة 2017.

وسترتفع المداخيل الواردة من باقي العالم المدعمة خاصة بمداخيل المغاربة المقيمين بالخارج، لتسجل زيادة ب 3,8% لتبلغ 4,7% من الناتج الداخلي الإجمالي.

وبالتالي فإن الادخار الوطني سيرتفع ب 5,9 % سنة 2020، ليستقر معدله في حدود 27,4% من الناتج الداخلي الإجمالي.

وبناء على معدل للاستثمار الإجمالي الذي يرتقب أن يناهز 32,2% من الناتج الداخلي الإجمالي، سيتراجع عجز رصيد حساب الادخار-الاستثمار إلى حوالي 4,7% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020 عوض 4,8% سنة 2019 و5,9% سنة 2018.

وفيما يتعلق بالسوق النقدي، ستعرف القروض على الاقتصاد زيادة ب 5,1% نتيجة انتعاش الأنشطة الاقتصادية سنة 2020.

كما سترتفع القروض الصافية على الإدارة المركزية نتيجة لجوء الخزينة إلى الاقتراض عبر السوق الداخلي. وبالمقابل، ستتراجع الموجودات الخارجية من العملة الصعبة، لتبلغ حوالي 4,7 أشهر من واردات السلع والخدمات. وبالتالي ستعرف الكتلة النقدية زيادة بحوالي 4,5% سنة 2020 عوض 3,8% سنة 2019.

ما يجب فعله

سيواصل النمو الاقتصادي الوطني ارتباطه البنيوي بتطور القطاع الفلاحي. وسيبقى الاستثمار الوطني في منحا مستويات نموه الضعيف، المسجلة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية.

كما سيواصل الادخار الوطني تسجيل تراجعات نسبة للناتج الداخلي الإجمالي، وبالتالي استمرار تفاقم الحاجيات التمويلية.

وسيتأثر النمو الاقتصادي الذي انخفضت إمكانياته إلى %3 بعدة عراقيل تعيق مساهمته في التشغيل وإعادة توزيع الدخل اجتماعيا وترابيا وتحسن مستويات المعيشة للسكان.

بالإضافة إلى هاجس تنمية الرأس المال البشري، يتعين على بلادنا الرفع من مجهودات الاستثمار. وتستدعي هذه الأخيرة، تحسن تدبير البرامج الاستثمارية وتعبئة كبيرة للموارد لصالح القطاعات المنتجة.

وحسب الأشغال التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط، فإن الزيادة في الاستثمار العمومي ب 4 نقط بالنسبة المئوية من الناتج الداخلي الإجمالي المخصصة لهذه القطاعات المنتجة، تمكن من تحقيق نمو اقتصادي بحوالي %5.

وهي نفس الوتيرة عند تحسن مردود الاستثمار (عدد نقط الاستثمار لتحقيق نقطة واحدة في النمو الاقتصادي) من 7 إلى 3، كما هو الحال بالنسبة لعديد من الدول الصاعدة.

وتبرز هذه المحاكاة الأهمية القصوى للنهوض بالتدبير الاقتصادي والاجتماعي. ويحيلنا هذا على تحسين الإطار القانوني والمؤسساتي للاقتصاد الوطني وعلى فعالية مبادئ الحكامة العمومية المنصوص عليها في الدستور.

وفي ظل هذه الظروف، تجدر الإشارة إلى أنه في ظل ضعف الاستثمار الخاص، الذي لم يتمكن من قيادة قاطرة هذه المجهودات العمومية، لا يمكن للدولة أن تنتظر للقيام بعملها في تحويل البنيات الاقتصادية في سياق عالم مليء بالمتغيرات والتحديات التقنية والبيئية والجيواستراتيجية العميقة.

في ظل هذه الظروف، يتعين على الخزينة أن تقلص من اللجوء إلى الاقتراض الداخلي لتغطية حاجياتها التمويلية، لاحتمال اقصاء القطاع الخاص من السوق المالي الداخلي. وفي سياق الإصلاحات وتفاعل البنيات الاقتصادية التي من المحتمل أن تشجع ذلك، سيظل الاقتراض الخارجي يمثل إشكالية ما لم يتم توجيهه إلى المشاريع المنتجة والمذرة للعملة الصعبة والتي يتم انتقاؤها بعناية وتدبيرها بصرامة وتقييم نتائجها بدقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار