هكذا فضحت قضية البيدوفيل الكويتي أساليب اشتغال شبكات "القوادة" بمراكش

الكاتب : الجريدة24

22 فبراير 2020 - 06:00
الخط :

أمينة المستاري

سلطت قضية "البيدوفيل الكويتي" مرة أخرى الضوء على قضية السياحة الجنسية "الخليجية" ليست فقط بالمدينة الحمراء، بل بمجموعة من المدن المغربية.

قضية إطلاق سراح الكويتي وتمكنه من مغادرة المغرب رغم تورطه في قضية اغتصاب قاصر، ما تزال تطرح أسئلة عديدة، جعلت جمعيات حقوقية تحمل القضاء مسؤولية إفلات "البيدوفيل" من العقاب.

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة بمراكش، التي تتابع القضية، عرضت مجموعة من المعطيات في ندوة صحفية عقدتها مساء أمس بمراكش حول واقعة اغتصاب القاصر وقدمت ما أفادت به الضحية ووالدتها، وما جاء على لسان المغتصب الكويتي، إضافة إلى بعض الملفات المرتبطة بالسياحة الجنسية وخاصة في علاقتها بسياحة الخليجيين، سواء التي عاشتها وآزرت بعض ضحاياها، وبعض الخروقات المسجلة.

الخاصية التي تثير الاهتمام في مجموعة من الوقائع التي شهدتها قضايا "البيدوفيل"، حالات ضبط خلالها خليجيون متلبسون في فيلات وإقامات لم يتم متابعة أصحابها بتهم توفير مكان للدعارة والفساد، تمتيع المغتصبين بالسراح المؤقت وتمكنهم من مغادرة المغرب، متابعة الفتيات في حالة اعتقال...

خريطة السياحية الجنسية بالمغرب تغيرت ابتداء من سنة 2010، فقد تراجعت الظاهرة لمدة قبل أن تعود بقوة، لكن هذه المرة غيرت شبكات الدعارة الراقية منهجيتها واستراتيجيتها، من خلال اتخاذ كل الاحتياطات واستعمال أساليب جديدة للتواصل، بل عملت على نقل أماكن نشاطها بعيدا عن الأنظار، خارج المدار الحضري بمراكش أو بالأماكن المحروسة التي لن يمكن لأي كان الولوج إليها، كما حصل في قضية مغني إماراتي ضبط بمعية بعض أصدقائه وأفراد من أسرته بفيلا بمنطقة النخيل السياحية والتي يؤجرها بثمن لا يقل عن 22 ألف درهم لليوم، صحبة 22 فتاة ومعهم مجموعة من الوسطاء، حيث تمكن الخليجيون من مغادرة المغرب بعد تمتيعهم بالسراح المؤقت، بسبب عدم اتخاذ إجراءات احترازية لمنعم من مغادرة البلاد، وتمت متابعة الوسطاء بتهمة الاتجار في البشر (القوادة، الاستعباد الجنسي...)، وأدينت الفتيات بشهرين موقوفة التنفيذ رغم أنهن قدمن بصفتهن ضحايا.

كيف يتم التنسيق بين الفتيات والراغبين في المتعة المحرمة؟

فاللقاءات التي لا تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما حدث في قضية المغتصب الكويتي، الذي تعرف على القاصر عبر "السناب شات" يقوم الوسطاء بالمهمة، فقد أدى اعتقال أحد الوسطاء في مارس المنصرم إلى ضبط هاتفين بحوزته، الأول يتضمن 1500 رقم هاتف فتيات من مختلف المدن المغربية، وآخر سجل فيه أرقام الزبناء الخليجيين الراغبين في "صيد ثمين".

الوسطاء لهم مهمة أخرى في الدعارة الراقية، فبعد تحديد الضحايا، تبدأ عملية اختيار الفتاة وفق شروط الزبون، وهو ما يصطلح عليه ب"البلانات" أو "العزلة" يعني "كاستينغ" يمكن الفتاة حسب مؤهلاتها الجسدية، بعد أن يتم تجهيزها، أن تحضى بزبون قد يدفع فيها الكثير "كالرقيق"، كما قد تدفع الفتاة للوسيط الذي يصبح كالمثل "طالع واكل هابط واكل" ، وكل من لم تتوفق في "العزلة" يتم استبعادها أوما يسمى بعملية "الريفولي" وتحصل على مبلغ مالي كترضية لها.

حالات عديدة رصدتها الجمعية، فسنة 2013 ضبطت مصالح الدرك الملكي بأوريكا 5 خليجيين يحملون الجنسية السعودية و3  فتيات مغربيات متلبسين بممارسة الدعارة بأحد المنتجعات السياحية بطريق أوريكا، التحريات كشفت عن وجود شبكة للدعارة الراقية يقودها مواطن كويتي.

حالة أخرى رصدت ليلة الثلاثاء 18 يونيو 2013، بعد أن تم اعتقال 5 خليجين يحملون الجنسية الكويتية و5 فتيات مغربيات من بينهم قاصر يتحدرن من مدن بني ملال والقنيطرة والمحمدية وطالبة من الصويرة ، بعد مداهمة فيلا مفروشة مكتراة  بسومة 6000 درهم اليوم الواحد بحي عين إيطي مقاطعة النخيل، وقد تم تقديم الجميع للمحاكمة يوم الخميس 20 يونيو، بحيث قدم الخليجيين في حالة سراح رفقة القاصر بكفالة مالية قدرها 6000 درهم في حين قدمت الفتيات الأربع في حالة اعتقال، وأصدرت المحكمة حكمها بشهرين موقوفة التنفيذ  وغرامة 2000 درهم في حق كل من الكويتيين الخمسة.

وخلال شهري ماي ويونيو 2014 أوقفت مصادر الدرك الملكي 60 شخصا أجنبيا من جنسيات مختلفة، خليجية إمارات وسعودية وكويتية وقطر، وأوروبية فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وروسيا، و40 فتاة مغربية ضمنهن فتيات صغيرات السن، بكل من جماعات أولاد حسون وتسلطانت والويدان حيث فضاءات الدعارة الراقية، بأسعار تتراوح بين  7000 و20000 درهم لليلة الواحدة...

في شهر يوليوز 2016، اعتقلت مصالح الأمن 7 خليجيين رفقة 5 فتيات إحداهن قاصر عمرها 16 سنو تلميذة بإحدى إعداديات مدينة مراكش، داخل شقة مفروشة بإقامة مؤثتة بالحي الشتوي بجليز، وأفرجت النيابة العامة عن الخليجيين مع متابعتهم في حالة سراح في حين تابعت الفتيات في حالة اعتقال.

حالة أخرى من الدعارة الراقية والتي متع فيها الخليجيون بالسراح المؤقت، حيث داهمت عناصر الأمن يوم الاثنين 11 دجنبر 2017 مجمعا سياحيا بحي تاركة واعتقلت العديد من الفتيات رفقة 10 خليجيين أغلبهم سعوديين، ليتم الإفراج عن الخليجيين ومتابعة الفتيات في حالة اعتقال...

حالات عديدة تعرفها المدينة بشكل مستمر، لم يسلط عليها الضوء كما سلط على قضية "البيدوفيل" الكويتي، والتي أثارت طريقة مغادرته للسجن ثم للمغرب علامات استفهام كثيرة، واستفزازا للجمعيات الحقوقية العاملة في الميدان، خاصة بعد تدخل السفارة الكويتية، وعدم متابعة مواطنها بالجرائم الإلكترونية وإعداد شريط البورنوغرافيا، كما أن تقاعس الجهات القضائية عن إغلاق الحدود إلا "حتى فات الفوت" وهو ما زاد الطين بلة، وهوما جعل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعتبر تدخل السفارة الكويتية في شؤون القضاء غير مقبول، خاصة وقد وقعت على اتفاقية حقوق الطفل والبروتوكول الملحقة بها، وهي الاتفاقية التي تعتبر الاستغلال الجنسي و اغتصاب القاصرين انتهاكات جسيمة لحقوق الطفل.

آخر الأخبار