خبير نفسي يرصد تناقضات المغاربة في تطبيق الوقاية من كورونا

الكاتب : الجريدة24

05 سبتمبر 2020 - 09:18
الخط :

رصد جواد مبروكي، الأخصائي النفسي، ما وصفها ب "تناقضات تتحدى العقل والمنطق" في تطبيق المغاربة لتدابير الوقاية من كورونا.

واستغرب المتحدث لما يحدث داخل المدن  من حركة طبيعية ولامبالاة، مشيرا أن قرار إغلاق الطرق يجب أن تتناسب معه شروط الحذر والوقاية بداخل المدن.

وقال " المقاهي مفتوحة وممتلئة والزبناء ملتصقون ببعضهم البعض كما أشاهده كل مساء في شارع رئيسي أمام باب منصور في مكناس. وهذا بلا شك غير ضار مقارنة بفتح الطرق!؛ والمطاعم الشعبية مليئة بالزبائن، وحتى على الأرصفة ويأكلون بدون قناع ويمر المشاة بالآلاف في حدود نصف متر من المتذوقين. وهذا بلا شك غير ضار مقارنة بفتح الطرق!".

ينتشر "الباعة المتجولون للخبز والبْتيبانْ والقْراشْلْ والميلْفويْ والمادْلينْ على الطاولات في الهواء الطلق والذين بالإضافة إلى الغبار وانبعاثات السيارات والحافلات التي يتلقونها، نشاهد أيدي الزبناء تختبر من جميع الجهات الخبز لاختيار الأفضل. وهكذا تمَّ لمس الخبز الذي يشتريه المواطن من طرف 10 أو 20 يد قذرة على الأقل والله وحده يعلم أين تجولت هذه الأيادي قبل لمس الخبز. و بائعو الهَنْدِيَّة الذين يقومون بتقشير الفاكهة وتقديمها للزبناء لتذوقها ومن الواضح أن الباعة يحترمون قواعد النظافة وينظفون السكين والأيدي 100 ألف مرة في دلو من الماء الراكد، على الأرض والذي يتلقى غبار أحذية المارين وسموم السيارات".

ويتجول الآلاف من المواطنين بدون أقنعة في أماكن شعبية مثل السّْويقات دون أن ننسى أن المئات منهم يرتدون أقنعة متسخة مثل الفحم، وتستقبل المساجد المؤمنين وحتى لو لبسوا أقنعة فالأقدام تبقى حافية ولا أعرف أين كانوا يتسكعون قبل دخول المسجد وبالضرورة يلمسون أرضيته رغم السجادة الخاصة. وهل تم تطهير ملابسهم قبل دخول المسجد؟ يضيف مبروكي.

بائع الدجاج يرتدي نفس القناع مدة عدد من الأيام ويذبح الدجاجة ويغرقها في حوض من الماء الأسود الساخن (يستقبل مئات الدجاج) ثم يلقي بها في آلة النتف. ومن الواضح أن الدجاج قد تم نقله من المزرعة إلى البائعين ولا أعرف عدد الأيدي المختلفة للعمال الذين قاموا بنقل هذه الحيوانات. وبمجرد نهاية عملية النتف يتم إفراغ الدجاجة وغسلها بأيدٍ مصابة ومتعفنة في بعض الحالات. ومن الواضح أن جميع تدابير النظافة الصحية يتم إتباعها حرفياً كما هو الحال في غرفة العمليات. "آه نعم، لقد نسيت أن أذكُر الزبناء أمام المتجر، بعضهم بدون أقنعة ولكن يحترمون مسافة التباعد الاجتماعي التي لا تتعدى بعض السنتيمترات!"؛ و بائع الآيس كريم الإيطالي بآلته الشهيرة على الرصيف التي تستقبل الغبار ومستحلبات دخان السيارات، ناهيك عن المخاريط المعلقة على الماكينة على بُعد بضعة سنتيمترات من كل زبون يتوقف لإرضاء شهوته. وفي المطاعم الفاخرة نقوم بقياس درجة حرارتك ونقدم لك المعقم المائي الكحولي ويجلس الزبناء بعد هذه العمليات على الطاولة ويزيلون الأقنعة حسب القوانين. ومن الواضح أن الكراسي قد تمت زيارتها بالفعل من قِبل زبناء آخرين وبدون شك قد قاموا بتطهير سراويلهم وقمصانهم قبل الجلوس. ولكن النادل عند تقديم خدمته ليس لديه أذرع تتجاوز مترين لاحترام التباعد الاجتماعي ولهذا فهو مجبر على الاقتراب من الزبون بجسمه بالكامل على بعد بضع سنتيمترات فقط . وهذا بلا شك غير ضار مقارنة بفتح الطرق!

أما سيارات الأجرة والتي يرتدي نصفها من السائقين قناعًا متسخًا ويحرر الأنف للتنفس. كما ينزل السائق عشرين مرة وأحيانًا لتناول القهوة مع الأصدقاء دون أي تباعد اجتماعي ثم يعود للعمل. وتستقبل مقاعد الطاكسي المئات من الركاب وكل منهم يلمس معصمي الأبواب والمقاعد، ثم ينقح أقنعته. وفي المقصورة من الواضح أن التباعد الاجتماعي محترم وعلى الأقل مترين يفصلان الركاب. كما من الواضح أن النقود التي يتلقاها السائق قد تم تعقيمها ألف مرة لأنه سوف يستخدمها لإعادة الصّْرْفْ إلى زبون آخر، يضيف المتحدث بسخرية.

أما حافلة النقل العمومي "الطّوبيسْ" ولا حاجة لوصف كم عدد الأيادي التي تلامس القضبان والمقاعد لا تحصى. نعم وهذا بلا شك غير ضار مقارنة بفتح الطرق!و الحصول على إذن خاص لمغادرة بعض المدن والعودة إليها لمنع انتشار الفيروس. إنه تدبير صحي ممتاز. ولكن جزء كبير من هؤلاء المسافرين يأخذون سيارات الأجرة أو القطار والجميع يلمس نفس الأشياء. وعلى فكرة هل تتطلب الرخصة الاستثنائية إجراء تحليل للفيروس؟ بالتأكيد من بين هؤلاء المسافرين نجد حاملي الفيروس، و في محلات البقالة والسوبر ماركت يرتدي الأشخاص أقنعة قديمة غير معروف عدد أيام استعمالها وكل أيادي الزبناء تلمس نفس المنتجات لدرجة أنه من المحتمل أن تصبح جميع المنتجات ملوثة بالفعل.

يقول المتخصصون أنه بمجرد لمس القناع بالأصابع التي لامست بالفعل جميع الأسطح الممكنة، فإنه يتلوث ويجب تغييره فورًا ووضع القناع الملوث في كيس بلاستيكي ووضعه في سلة المهملات من أجل إعادة التدوير. ومن يحترم هذه القاعدة؟ يُعامَل القناع معاملة سيئة، أحيانًا في الجيب وأحيانًا حول العنق وأحيانًا يُقرض للزوج أو الزوجة ويتحول إلى قناع جماعي. وهذا بلا شك غير ضار مقارنة بفتح الطرق!

آخر الأخبار