الدرابكي المهين للصحافة والناصح للمؤسسات!!

من عاديات زمن الفايسبوك واليوتيوب والأنستغرام، أن ضابط إيقاع، أو "درابكي" بأسلوب القصاير والمواسم، أضحى محللا استراتيجيا يقدم النصائح للدولة والمؤسسات، ويقيم أداء الهيآت العمومية بما راكمه من خبرة وحنكة في جلد الطعارج والبنادر، بل ويسوغ لنفسه تهديد المسؤولين الأجانب بإجراءات المراقبة الحدودية الصارمة في مطار ميامي وأورلاندو وأطلنطا، ناسيا أو متناسيا بأن الوكالات الأمريكية تتعامل بقدر المصالح والكفايات، وهي تعي جيدا أين تتقاطع مصالحها الجيو سياسية خصوصا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.
ومن موحشات وسائط الاتصال الجماهيري، أيضا، في هذا الزمن الافتراضي الأغبر، أن يتاجر اليوتيوبرز "الدرابكي" بفواحش وزلات الآخرين، ويتركها للذاريات تذروها في الصفحات التواصلية وحسابات الشبكات الاجتماعية، حاشدا هو "المشاركات والتقصيات والمتابعات والمشاهدات" بلغة الإعلام البديل، والتي تقاس بتحويلات مالية، بينما تلاحق لطخات العار وأوشام الفضيحة أبطال شرائطه البذيئة.
ومن الإسفاف والابتذال أن يتجاسر اليوتيوبرز على الصحافة والصحفيين المغاربة وينعتهم "بأولاد الكلاب"، و" المنبطحين" و" المفسدين ماليا"، متوهما أن الشتم والسب والقذف هي جسارة وجدارة بينما هي بسالة وقلة حياء. فالصحافة مسؤولية قبل أن تكون ماسورة كلام فاحش، وهي رسالة قبل أن تكون ماكينة لتسليع فواحش الناس ومآسيهم.
فمن المؤسف حقا، أنه في شرائط "الدرابكي"، يمكن أن يغدو محمد زيان شخصية دينية شبيهة بأنس ابن مالك، مع أنه لا مجال للمقارنة مع وجود الفارق بين صحابي جليل كان خديم رسول الله، وبين من هو نديم وهيبة خرشش، والبقية يعرفها كل من تفرج أو اختلس النظر في شريط "نشفيني مزيان آواهيبة".
وبلغة "المطبلين"، مع وافر الاحترام لمن يمتهنون التطبال المعاشي، يصير الدرابكي الذي حرمته شرطة القاصرين بفلوريدا من فلذة كبده، لأيام معدودات، بسبب مخاوف من زنا المحارم والاعتداء الجنسي على القاصرين، (يصير) مؤرخا ومحللا سياسيا يفتي على الدولة ومؤسساتها طريقة تدبير مواردها البشرية، وكيفية التواصل مع الرأي العام، وهو الذي لم تثق فيه السلطات الأمريكية حتى في مسألة الحضانة على من هم من صلبه.
وبلغة الدرابكية أيضا، أضحت سيدة كانت تتجول دائما بين فنادق المغرب متأبطة وثيقة غير مؤرخة ومذيلة بتوقيع الزوج، يشهد فيها أنه يتنازل عن الخيانة الزوجية المنتظرة المنسوبة لزوجته، في استشراف توقعي لخيانات مستقبلية أكيدة، (أضحت) هذه السيدة من القانتات الطاهرات الراكعات الساجدات المحافظات على فروجهن إلا من وطء محمد زيان وسي إبراهيم الزيتونة!.
إنه نموذج جديد من شخصيات اليوتيوب الهلامية والسحابية (بفتح السين والحاء)، والتي تقتات من عدد المشاهدات واللايكات، وتصنع لنفسها مجدا كرطونيا بفضل "تبضيع وتسليع فواحش الناس وفضائحهم"، ناسية أن إشعارا رسميا أو تظلما واحدا من المشهر بهم قادر على حذف تلك المحتويات الرقمية، بل وحتى إقفال القنوات الافتراضية إلى الأبد، متى تسنى إثبات طابعها التشهيري والقدحي.
إنه حال اليوتيوبرز "مول الدربوكة"، الذي لم يؤتمن حتى على أطفاله بسبب نزعات الطعريجة التي تجعله فاقدا للأهلية الشرعية للحضانة. والذي يعتقد للأسف أن إمعانه في تبرير حملات التشهير، بدعوى أنه يريد فقط إصلاح المؤسسات ونصح مسؤوليها، سوف يعفيه من المسؤولية الجنائية، جاهلا أو متجاهلا أن الزفزافي ومن معه كانوا يقومون بنفس الشيء، إذ كانوا يجاهرون بالسلمية في العلن بينما يضمرون الحراك المسلح في السر وفي تجمهرات الشغب.