مستشار الأمن القومي الإسرائيلي و"الله يبارك فعمر سيدي"

الكاتب : الجريدة24

23 ديسمبر 2020 - 12:00
الخط :

في "الله يبارك فعمر سيدي".. الجملة التي نطق بها في حضرة الملك محمد السادس، "مائير بن شبات" مستشار الرئيس الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو"، ما يدعو للتوقف كثيرا عند الرمزية التي يحظى بها عاهل المغرب بصفته أميرا للمؤمنين أجمعين.

"الله يبارك فعمر سيدي".. قد ينطقها أي كان، لكن ما استشعره المغاربة فيها من حب وتقدير وتبجيل يظل بليغا، وهي تند من فم "مائير بن شبات" خلال الاستقبال الملكي للوفد الأمريكي والإسرائيلي الذي أسس لأول زيارة للمملكة منذ قرارها استئناف علاقاتها مع إسرائيل.

وفي هذه الدعوة الموجهة لرب السموات ورب الأديان والشرائع السماوية، ما يزيل كل غمامة أو لبس عن الرمزية التي يحظى بها سبط الرسول الكريم، الذي تأسى به صلى الله عليه وسلم، وصان عهد المؤمنين بغير دين الإسلام، ولم يُظلم عنده أحد.

ولا جديد في أن المملكة رسمت لها مسارا خاصا في تعاملها مع باقي الديانات، لكن وقفة السلطان محمد الخامس بن يوسف، مع اليهود في وجه حكومة "فيشي" المسخرة من الزعيم النازي "أدولف هتلر" لاصطياد اليهود من المغرب، ستظل راسخة في أذهان أبناء المغرب الذين رمت بهم الأقدار إلى مناطق مختلفة من الأرض من بينها إسرائيل.

ويكاد لا يخلو بيت أي مغربي يهودي، في كل مكان من هذه الأرض من صورة السلطان محمد الخامس، الذي وقف بصدر عار أمام حكومة "فيشي" ليقول إن رعاياه مغاربة ومغاربة فقط، ولا فرق بين مسلم أو يهودي، ومنع تقتيلهم والتنكيل بهم وجعلهم في مأمن من كل خوف.

رسالة محمد الخامس، تلقفها نجله الملك الراحل الحسن الثاني، وقد آمن أن الدين لله وأن الأرض للجميع، واتبع مسارا مغايرا لما اقترفته العديد من الأنظمة العربية التي ذبحت ورحلت اليهود وصادرت ممتلكاتهم بعد حقوقهم وقطعت كل أواصرهم بالأراضي التي رؤوا النور فيها.

وعلى هذا المنوال، سار الملك محمد السادس، حيث النموذج المغربي يظل متفردا وهو يرى في المواطنين مغاربة أولا دون تمييز بين مسلم أو يهودي، ولذلك يشار بالقول "مغربي يهودي" وليس "يهودي مغربي" فهل من درس أبلغ للعاقلين من هذا.

لقد ارتحل مغاربة يهود من المملكة وفي قلوبهم غصة وأماني بالعودة إليها، وقد لمسوا فيها تعايشا سلميا غير معهود في شتى بقاع المعمورة، بينما ظل منهم آخرون هنا بين إخوانهم المسلمين الذين تربوا وترعرعوا على احترام كل الشرائع السماوية.

إن النموذج المغربي يحتذى، وفيه ما يزيد من لظى نار تتقد في نفوس الإخوة الأعداء، وقد بادروا إلى الركوب على كلمة "التطبيع" لمحاولة النيل منه، أما القافلة فقد تكون تسير بتؤدة لكن بأمان.

المغرب لم يطبع بقدر ما أعاد إحياء علاقات أبنائه به، إلى هنا يحج كل عام مئات المغاربة اليهود لزيارة "ربي عمران" في أسجن المتاخمة لمدينة وزان أو لإحياء الهيلولة أو ميمونة في الصويرة أو لزيارة جيرة وأصدقاء الأمس في تنغير.

المغرب أرض سلام ووئام، لا ينبري أحد فيه للدعوة إلى تقتيل الآخر أو سحله لأنه لا يدين بدينه.. وهكذا سيظل تحت ظل أمير المؤمنين أجمعين من مسلمين ويهود ومسيحيين.. "الله يبارك فعمر سيدي" ولا عزاء للحاقدين.

آخر الأخبار