عندما يتـنمّر تحفة الدرابكي، الذي يخاطب نشطاء الإعلام البديل من الولايات المتحدة الأمريكية، على إخوانه وأخواته في الحرفة (اليوتيوبرز)، فهو يمارس حقه في التعبير والاختلاف كما يزعم ويدعي، بل إنه يتجاسر في كثير من الأحيان ويقدّم نفسه "وليا من أولياء الله الصالحين" الذين لا تحركهم سوى الغيرة، بإيقاعات الدربوكة، على مصلحة الوطن والمواطنين!.
لكن، عندما تتنمر اليوتيوبرز "سميرة الداودي" على تحفة الدرابكي، وتنشر شذرات موثقة بالتسجيلات مما تعتبرها "الضحالة التي يرتع فيها بعيدا عن منصة اليوتيوب"، فإنها تصبح لسانا مأجورا وطالبة جهاد النكاح، وكأنّي به لا يتوسم في المرأة إلاّ عورتها، وكأني به لا يؤمن بحرية التعبير إلا إذا كان إسفاف الكلام صادرا عنه وليس ضده.
فاليوتيوبرز الدرابكي، كما يسمي نفسه ومعه عموم المدونين الافتراضيين، خرج مؤخرا يسائل النيابة العامة وسلطات إنفاذ القانون عن مآل إجراءات قضائية مشمولة بالسرية، رغم انتفاء الصفة والمصلحة لديه كما تنص على ذلك أحكام قانون المسطرتين المدنية والجنائية، ورغم أنه لا ينتمي، مهنيا وعمليا، للسلطة الرابعة التي لها ممارسة حق الرقابة الإعلامية على المؤسسات والسياسات العمومية، ما لم يكن موضوع الرقابة مجال حصري خاص بالقضاء، كما هو الشأن بالنسبة لفيديو "شوهة زيان".
فهل هناك "شعبوية" أكثر من أن يلتحف يوتيوبرز درابكي عباءة القضاء ويحكم في الخصومات الجنائية بالشبهة وبالانطباعات الشخصية؟ وهل هناك شعبوية أفظع وأفضح من أن يصادر هذا الدرابكي حرية الرأي والنشر من موقع إخباري وطني، بل ويؤلّب الناس ضد خطه التحريري، لمجرد أن هذا المنبر فسح المجال ليوتيوبرز اسمها سميرة الداودي لتنشر تصريحاته المدعومة بتسجيلات تكشف حقيقة ذمته المالية والأخلاقية؟
أكثر من ذلك، لقد سوّغ هذا اليوتيوبرز الدرابكي لنفسه استباحة نشر الادعاءات والمزاعم حول المؤسسات الوطنية، وتبخيس جهود مكافحة الإرهاب، تحت ذريعة حرية الرأي والغيرة المزعومة على الوطن، لكن عندما ينشر موقع إخباري أشياء لا تروقه، أو عندما تمارس مؤسسة وطنية حقها في مقاضاته أمام المحاكم، فإنها تصبح مواقع ومؤسسات خارج القانون ولا تحترم حقوق الإنسان. إنها مفسدة الدرابكي عندما يعتقد بأنه يمسك بسلطة اليوتيوب، وهي المفسدة التي تصبح مطلقة عندما تكون سلطة اليوتيوب مطلقة وغير مقيدة بالأعراف والقوانين والأخلاق.
وصديقنا الدرابكي لا يكتفي فقط بالحلول محل القضاء وأجهزة العدالة الجنائية، وإنما يُنصّب نفسه مجلسا وطنيا للصحافة، ونقابة مهنية للإعلاميين، بل ويسدل على نفسه صفة "الرأي العام"، الذي يقيّم منسوب المصداقية والمهنية في عمل المواقع الإخبارية الوطنية، رغم أن سعة صدره لا تتسع بالكاد لسماع مجرد انتقاد من زميلته في الحرفة سميرة الداودي. فهل ما تنشره هذه الأخيرة يثير حفيظة تحفة الدرابكي لهذا الحد، أم أن ما تحتفظ به من تسجيلات هو ما يثير حنقه ويدفعه للمطالبة بإقفال موقع شوف تيفي واعتقال مدير نشره إدريس شحتان؟
"فالذي يأكل دجاج الناس عليه أن يسمّن دجاجه"، كما يقول المثل المغربي العامي. فالإمعان في نشر التسجيلات والتعليقات تحت مسمى حرية الرأي والحق في التعبير لا يعفيان الدرابكي، في المقابل، من سماع الانتقاد والتجريح والمؤاخذات، خصوصا إذا كان هذا الأخير "فين ما ضربتيه كتسيل شبهات النصب والاحتيال والابتزاز على المواطنين"، مع زيادة شبهات "القوادة وتسهيل البغاء" التي ما انفك يعترف بها المعني بالأمر في مختلف خرجاته الأخيرة.