أكادير: في غياب مأوى للمتشردين...قلوب دافئة تحتضن مسنين يعيشون في الشارع

الكاتب : الجريدة24

30 يناير 2021 - 09:35
الخط :

أمينة المستاري

في ركن منزو بأحد أبواب مسجد الهدى بأكادير، تكوم محمد، مسن في عقده السابع، قذفت به الظروف ورحلة البحث عن العمل إلى مدينة الانبعاث، لكن حلمه تبخر، ليسلم أمره لله، وعوضا عن سقف يأويه وجد باب الجامع الخشبي ملاذ له ينام أمامه.

مضت على إقامة محمد بباب الجامع، عدة أسابيع، نام تحت الأمطار والرياح والبرد القارس، وتعرض لسرقة بعض أمتعته وبطاقة هويته وبضعة دراهم في محفظته، لكنه يحمد الله أنه لم يتعرض للأذى إلى غاية الآن :" ملي جيت هنا في حي الهدى جاب ليا واحد الملابس، وواحد السيدة كانت كتعطيني الأكل، لكن جاو ليا شي ثلاثة الأشخاص سرقوليا حوايجي وشي 30 درهم كانت عندي، والبطاقة الوطنية ديالي...اختاريت المسجد نعاس حداه حيث قريب من القيادة والمصحة".

كان محمد، المتحدر من سيدي قاسم، يهيم على وحهه طيلة النهار، كما هو الحال بالنسبة للمشردين، يحمل أمتعته وحين يسدل الليل ستاره يعود إلى مكانه بجوار المسجد للنوم، يرتاح من عناء المشي ساعات والتنقل من مكان لآخر... حاله كحالة مجموعة من المشردين المسنين الذين يبيتون في شوارع أكادير، دون مأوى أو مكان يحميهم ويقيهم من البرد والمطر والاعتداءات من طرف الجانحين و"الشمكارة".

انتقل الحسين النجاري، رئيس المكتب المركزي للمنظمة المغربية لحماية الطفولة، ليلة أمس بعد صلاة العشاء إلى مكان تواجد الشيخ، بمعية شباب المنظمة، وكمن أتته النجدة، شع بريق الفرحة من عينيه، فقد كان ينتظر الفرج وإيجاد سقف يأويه، وفعلا لم يخب ظنه فقد تم نقله إلى مقر وضعته جميعة الإحسان رهن إشارة فرع المنظمة بالقليعة مؤقتا لإيواء المتشردين.

لم يتوقف المسن عن تقديم شكره لكل من ساعده وخرج ليلا للبحث عنه وانتشاله من وضعية الشارع، فقد وجد قلوبا دافئة قبل مكان دافئ، وسينعم لمدة بالنوم دون خوف، والأكل المنتظم، والرفقة الطيبة...حيث يتواجد بالمقر الحالي مجموعة من المشردين، لقوا رعاية واهتمام من طرف النجاري ورئيسة فرع القليعة سعاد بلار، وشباب المنظمة من المتطوعين سواء بأكادير أو القليعة أو باقي الفروع الدين استنفروا للعمل على مستوى واسع النطاق للبحث ورصد الحالات.

وعلى الرغم من ضعف الإمكانيات، تقوم المنظمة بحملات وجولات ليلية للبحث عن المتشردين في أكادير والقليعة، لإيوائهم بالمقر المرصود لهذا الهدف، وتطوع شباب بجمعية الإغاثة للانضمام إلى شباب المنظمة لعملية الرصد ولتقديم مساعدات لسعاد بلار، رئيسة فرع المنظمة بالقليعة، للاعتناء بالمسنين والمتشردين الذين يتم إحضارهم، وتقدم لهم السلطات بالقليعة يد العون، من باشا وقائدين يتناوبان على زيارة المقر، وطبيبة تقدم العلاجات الضرورية للنزلاء.

المنظمة عبارة عن خلية نحل، والهدف واحد موحد: جلب أي متشرد في حاجة لمأوى وسقف يقيه البرد والاعتداءات، رغم أنه لم تحظى بأي دعم على غرار جمعيات أخرى لا تكاد تذكر أعمالها أو تحركاتها في الميدان، وهو ما يحز في قلب النجاري وسعاد بلار، فالدعم يوجه إلى جمعيات "محظوظة" إما لانتمائها السياسي أو لمنطق "باك صاحبي"، في حين أن الجمعيات العاملة وبشكل يومي لم تتوصل بأية مساعدات لتغذية وتوفير مستلزمات المتشردين، الذين يخضعون للمواكبة النفسية بالمنظمة، والتغدية، والحلاقة والنظافة...

يقول النجاري الحسين: " يجب مساعدة الجمعيات العاملة في المجال ودعمها وتحفيزها، نحتاج مقرا بأكادير لمدة معينة، لإيواء أكبر عدد من المشردين، ونلتمس من والي الجهة فتح وتخصيص مركز لإيواء مثل هذه الحالات... المنظمة تقوم بحملات مستمرة وعلى امتداد السنة، للبحث عن الأطفال والنساء والمسنين الذين يعيشون ويبيتون في الشارع، فنحن نتوفر على الموارد البشرية من شبيبة المنظمة، والعزيمة والاستعداد للعمل على مستوى أكادير، فقط يلزم مقرا للإيواء، مع توفير المأكل والمشرب." ويضيف النجاري: "يجب على كل مقاطعة بالأحياء القيام بالحملات، حنا كنقوموا بها بجميع مناطق الجهة، وأكادير لا؟ حنا ماشي جمعية كدير "الكاشي" في الجيب وكتتحرك غير بالمناسبات ومن بعد كتختفي..راه كاين حالات كثيرة تحتاج لايواء في ظل هده الظروف خاصة الوباء والبرد القارس".

سعاد بلار، رئيسة فرع المنظمة المغربية لحماية الطفولة بالقليعة، أكدت أن المنظمة بشبيبتها وأطرها مستنفرة هذه الأيام للبحث عن المشردين من مسنين ونساء، لإيوائهم بالمقر الذي وضعته  جمعية إحسان رهن إشارتها والذي يتوفر على قاعتين كبيرتين إحداهما للرجال والأخرة للنساء، وتقوم السلطات المحلية بدعم مجهوداتها بزيارات يومية لقائدي المنطقة، وطبيبة تقوم بالعلاجات الضرورية، في انتظار أن يخضع النزلاء لجلسة حلاقة وحمام...تقول سعاد:" نشكر السلطات بالقليعة خاصة الباشا والقائدين وأعوان السلطة الذين يواكبوننا بشكل يومي، والتعاون الوطني الذي مدنا بالأغطية..لكننا بحاجة إلى الدعم خاصة ما يتعلق بالبنزين لنستطيع االتنقل لأماكن بعيدة وكذلك للتغدية حتى يمكننا إعداد وجبات يومية، لذلك نلتمس من المحسنين وأية جهة يمكنها مد يد المساعدة، بل وأي مواطن، فليس شرطا أن تكون غنيا حتى تكون إنسانا".

آخر الأخبار