مواقع التواصل الاجتماعي..آخر ملاذات أصحاب الفكر الإرهابي

أجمع المشاركون في جلسة حول موضوع "التحديات الأمنية: التحولات والاحتياجات" في إطار المؤتمر الدولي السنوي حول "مكافحة التطرف العنيف: استجابات جديدة لتحديات جديدة"، الذي تواصلت أشغاله لليوم الثاني بالرباط، على أن امتدادات التهديدات الإرهابية باتت تستلزم فرض مراقبة دقيقة على الفضاء السيبراني الذي يستخدمه الإرهابيون في الدعاية والاستقطاب.
وفي هذا الصدد، اعتبر عبد الحق باسو، باحث أول بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، في مداخلة له، أن الفضاء السيبراني ومواقع التواصل الاجتماعي باتا يشكلان ملاذا لأصحاب الفكر الإرهابي لبث الدعاية لفكرهم المتطرف ولاستقطاب الأتباع.
وسجل باسو أن البروباغاندا تنمو في عز الأزمات، وأن أصحاب الفكر المتطرف اغتنموا الظرفية الدولية المتسمة بتفشي جائحة كوفيد-19 وفترة الحجر الصحي التي كان لها تأثير على نفسية الأفراد، لتكثيف خطاباتهم المتطرفة.
ولفت الباحث إلى أن أصحاب الفكر الإرهابي يعتمدون في سرديات الاستقطاب على تمرير مبادئ ودغمائيات بناء على تأويل النصوص الدينية تأويلا يخدم توجهاتهم وإيديولوجياتهم، والتهوين من الهزائم ومحاولة الظهور بمظهر المنتصر حتى عند تكبد هزائم وخسائر.
من جهته، قال عبد العزيز بنريضا، باحث مشارك في فريق البحث حول الاستراتيجية والأمن بجامعة القاضي عياض، إنه رغم عدم وجود توافق على تصنيف خطورة التهديد السيبراني، فإن هذا التهديد بات واقعا فعليا، إذ يلجأ الإرهابيون إلى الفضاء السيبراني من أجل التواصل وتمرير سردياتهم ومحاولة الإقناع بها، وأيضا من أجل التمويل والاستقطاب، والاستفادة من خدمات عناصر خارجية مثل (الهاكرز)، ومحاولة الحصول على أسلحة من خلال هذا الفضاء.
وخلص بنريضا إلى التأكيد على أن هذا التهديد يستلزم التأهب والوقاية بتدابير فعلية واستباقية.
أما رئيس معهد الشرق الأوسط للسياسة والاقتصاد برومانيا، فالفيو كابا ماريا، فلاحظ أن الإرهابيين وجدوا في الجائحة فرصة لتوسيع دعايتهم وسردياتهم باستغلال الفضاء السيبراني، وهو ما يفرض، في رأيه، مراقبة هذا الفضاء وتطويق تنامي الخطاب الإرهابي.
واعتبر كابا ماريا أن التهديدات المستجدة أبرزت الحاجة إلى البعد الإقليمي في التصدي لها عبر إقامة تعاون مثمر، مسجلا في هذا السياق ريادة المغرب إقليميا في مجال مكافحة هذه الآفة العالمية.
وشدد رئيس معهد الشرق الأوسط للسياسة والاقتصاد برومانيا على ضرورة بلورة مقاربات استباقية بإشراك الفاعلين في المجتمع المدني لمواجهة هذه التهديدات.
من جانبه، أبرز المدير الاستراتيجي للمشروع الأوروبي حول مكافحة الإرهاب في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط بفرنسا، بيير بيلي، التحدي الجسيم الذي ينطوي عليه الفضاء السيبراني الذي بات يشكل مرتعا خصبا للدعاية الإرهابية، مشددا على أهمية التعاون القضائي واستحداث أدوات فعالة على الصعيد الدولي لمجابهة ظاهرة الإرهاب، وتشكيل جبهة موحدة تحاصر امتداداتها العابرة للحدود.
ودعا بيلي إلى تعزيز البحث العلمي والتعاون بين مؤسسات البحوث والفاعلين في مجال مكافحة الإرهاب، وملاءمة الأطر القانونية مع التطورات المستجدة التي تشهدها الظاهرة الإرهابية، والتصدي لتمويلات الإرهاب عبر مصادرة وحجز عائدات غسل الأموال والتحويلات المالية، بما يكفل إضعاف الإرهابيين.
وشارك في هذه الجلسة أيضا الأستاذ الجامعي الليبي رجب ضو خليفة المري ض، الذي سلط الضوء على التهديدات الإرهابية في ليبيا منذ سنة 2011، وأسبابها المتمثلة أساسا في انتشار الفوضى وظهور الجماعات الإرهابية التي استغلت شساعة مساحة البلاد لتنفيذ أنشطتها وتوسيع نطاقها إلى منطقة الساحل والصحراء.
وتتواصل أشغال المؤتمر الدولي السنوي حول مكافحة التطرف العنيف، الذي ينظمه "المرصد المغربي حول التطرف والعنف"، بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومركز السياسات من أجل الجنوب الجديد والرابطة المحمدية للعلماء، حتى يوم غد الخميس.
ويتميز المؤتمر بمشاركة خبراء وممارسين متدخلين في قضايا الإرهاب والتطرف العنيف من مختلف القارات والدول (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا، السنغال، نيجيريا، كينيا، إسبانيا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، بلجيكا، سويسرا، هنغاريا، الولايات المتحدة الأمريكية، النمسا، البرتغال، النرويج، رومانيا، مالطا، مصر، المملكة العربية السعودية، الفلبين)، ومؤسسات إقليمية ودولية في مقدمتها المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة.
وتجري أشغال المؤتمر، بالنظر لحالة الطوارئ الصحية السارية حاليا، في شكل مزدوج بحضور متدخلين ومشاركين في الرباط، مع توفير الشروط الوقائية لسلامة المشاركات والمشاركين، ومداخلات ومشاركات عن بعد عبر تقنية (فيديو كونفيرونس)