درس السلاوي لمنجيب وبوعشرين ومن سار على شاكلتهما

فاس: رضا حمد الله
لا يتسلح الكثير من الناس بثقافة الاعتذار سلوكا راقيا لا يفهمه إلا الكبار ممن يضعون أنفتهم واناهم في درجة أقل في حال الخطأ أو حتى دونه، كما قليلون يفهمون سمو خلق وأخلاق من يعتذر وقد يعتبرونه ضعفا أو هزيمة في معركة لم تخذ وتجهل شراستها.
مرد هذا الكلام الخطوة الجريئة والإنسانية التي أقدم عليها العالم المغربي منصف السلاوي، باعتذاره عن سلوك صدر عنه وأساء به لسمعته قبل غيره. اعتذر عن التحرش عالم كبير، فكبر في عيون العالم وحتى الذين توقعوا سقطته وانهيار اسمه بعد ذاك الحادث، لكنه كذب تخمينات وتوقعات الجميع، باعتذاره عن سلوك وخطأ.
أمثال السلاوي قليلون لكن ما زالوا بيننا في زمن طغت فيه الأنانية وحب الذات والنرجيسية، وقلت واضمحل السلوك الإنساني الراقي المؤنب للذات كلما أخطأت أو أساسا للغير بنية أو بدونها. وعلى هذا الدرب سار منصف ليكبر اسمه في عيون الجميع، بعدما كبر اسمه بتسلق أعلى سلالم العلم والبحث والشهرة. ما يحتاجه الكثير من المخطئين في حق الجميع وليس أنفسهم فقط.
ألا يقتدي بعض مذنبينا بالسلاوي فيعتذروا عما بدر منهم وصدر عنهم من إساءة مادية أو معنوية لوطنهم أولا وسمعة قطاعات يمثلونها، عوض التمادي وحشد الدعم لقضاياهم محوريها بقصد لاستمالة العيون والاهتمام عن أخطائهم الحقيقية التي زلزلت كيان نفوس ضحاياهم المجروحة.
لماذا لم يعتذر بوعشرين عما بدر منه في حق زميلاته ومهنة يمثلها في مؤسسة أجهض لاحقا حلم صحافييها وعامليها بوأدها؟، من حقه ألا يعتذر لكن ماذا لو اعتذر، حينها قد يكون لسمعته إنعاش ولمساره وحريته أمل، فليس عيبا أن نخطئ، لكن العيب أن نتمادى ونقدم أنفسنا بصفة الضحية دون المذنب. وفي على ذلك حالة منجب وغيره ممن أساؤوا أو يسيئون بقصد أو بدونه، إن لوطنهم أو للٱخرين ممن ممكن لاعتذار أن يطوي صفحات أثقل مما يتصور أو نعتقد.
أن يعتذر الإنسان عن خطأ بدر منه أو إساءته للٱخرين، خصلة وسلوك لا يتوفران إلا في الكبار أما الطفيليات وضعاف النفوس وقليلي التربية، فأكيد لن يرضون بطأطأة الرأس والانحناء احتراما واعتذارا، طالما أن نفوسهم أضعف توازنا وشأنا من سلوكهم.