مغاربة عالقون يبيتون في أزقة وشوارع أسطنبول

أمينة المستاري
في جو بارد...بزاوية من محطة ميترو البوس، بمنطقة تقسيم باسطنبول بتركيا، لم يجد أحد المغاربة العالقين هناك من مكان غيره يستريح به وينام بضعة ساعات... افترش "كرطونا" وتكوم داخل غطاء صوفي، واستسلم للنوم بعد أن تناول بعض الطعام الذي جاد به بعضهم عليه...لا سكن ولا سقف يأويه من البرد القارس...صورة صادمة وحالة من العشرات لمغاربة حكمت عليهم الظروف بالتشرد في شوارع اسطنبول، في انتظار أن تتحرك الجهات المعنية لإجلائهم وإعادتهم إلى بلدهم.
حالات إنسانية عديدة لمغاربة عالقين بتركيا يعيشون وضعا صعبا، بعد أن قصدوا تركيا للعلاج، أو البحث عن عمل... لكنهم فوجئوا بقرار توقف حركة الطيران بين المغرب وتركيا، ولم تنفع محاولاتهم واحتجاجاتهم أمام قنصلية المغرب بإسطنبول، فلم يتم اتخاذ أي إجراء لإجلاء حوالي 250 شخصا، هم الآن مشردين بين شوارع اسطنبول في انتظار الحل الذي قد يأتي أو لا يأتي.
بنبرة حسرة وأسف بالغين، استنكر محمد أمنون، أحد أبناء سوس الذي تزامن وصوله إلى تركيا قادما من بلجيكا مع أزمة أبناء بلده، اللامبالاة التي يواجه بها ملف المغاربة منذ أسابيع، أيام قبل حلول شهر رمضان، وحرموا من فرصة العودة إلى أسرهم. وناشد أمنون، من ملك البلاد التدخل لحل أزمتهم التي طالت : "ألتمس من جلالة الملك أن يتدخل لإنقاذ رعاياه الذين يهانون ويتعرضون للسرقة في تركيا وتونس والاعتداء...".
محمد صرح للجريدة24 أن حالة المغاربة "مايبغيها لا عدو ولا حبيب...الجهات المعنية تتقاذف المسؤولية فيما بينها، وكل يوجه الأصبع للآخر في اتخاذ القرار، في الوقت الذي يعاني فيه المغاربة العالقين بتركيا ويتعرض بعضهم للاعتداء والنصب والاستغلال، منهم بعض المرضى الذين قصدوا تركيا للعلاج لكنهم وجدوا أنفسهم عالقين."
ويسرد محمد قصة إحدى الحالات، وهي لسيدة تعاني من الفشل الكلوي، جمعت مبلغا لا بأس به من بعض المحسنين من أجل العلاج، وقصدت تركيا لإجراء تحاليل من أجل زرع كلي، لكون مصاريف العملية باهظة بالمغرب، لكنها وجدت نفسها ممنوعة من العودة إلى وطنها، بعد وقف حركة الطيران، واضطرت لإنفاق جزء من المبلغ المرصود للعملية، قبل أن تعرض للنصب من طرف أشخاص وعدوها بتسهيل عودتها للمغرب عبر تونس، لكنها وبمجرد وصولها إلى مطار قرطاج تعرضت لسرقة 3 ملايين سنتيم التي تبقت لديها، وما تزال عالقة بالمطار.
حالة أخرى لسيدة تعاني مشكلا في الإنجاب، قصدت تركيا للعلاج لكنها بقيت عالقة تبيت في الشارع في انتظار الفرج. واستنكر أمنون عدم تحرك السلطات المغربية من وزارة الداخلية والخارجية ورئيس الحكومة لإيجاد حل وإجلاء المغاربة العالقين، على غرار باقي الدول التي أجلت جاليتها ببعض الدول، كما هو حال اسبانيا، مؤكدا أن بعض الفتيات المغربيات مهددات للوقوع في براثن سماسرة وتجار البشر، حيث صرح أنه وبمجهودات مشتركة مع الأمن التركي تمكن من إنقاذ فتاة مغربية من براثن شخص حجز جواز سفرها....
مريض آخر وجد نفسه عالقا، بعد أن قصد أحد المستشفيات لإجراء عملية جراحية على مستوى الوجه بعد أن تعرض للكريساج والاعتداء من طرف جانح أصابه ب"شاقور"، فتلقى أسوء خبرين بعد سفره الأول إدانة المعتدي ب6 أشهر فقط، ثم خبر إغلاق الحدود.
هي أرواح، حسب وصف أمنون، تعثرت بسبب قرار غلق الحدود ووقف حركة الطيران، وجعل العشرات يبيتون في محطات الميترو خاصة في ساحة تقسيم، وتجد مجموعة منهم بعد العاشرة ليلا في زواياها...في منظر يقشعر له الأبدان ويثير رغبة في البكاء بسبب وضعية شباب ونساء وأطفال يعيشون بكرامة في وطنهم، رمت بهم الأقدار إلى شوارع فتحولوا إلى متشردين في بلاد الغربة.