رمضان ينعش مهنا موسمية تدفئ جيوب نساء فاسيات

فاس: رضا حمد الله
انتعشت منذ حلول رمضان الكريم، مهن موسمية مختلفة تدفئ جيوب نساء خاصة مسنات، بمداخيل تساعدن بها أسرهن على تدبر تكاليفه وعيشها، في ظل الأزمة الخانقة التي تعانيها بفعل تدابير محاربة فيروس كورونا التي أثرت على نسبة عريضة من الأجراء خاصة عديمي الحماية القانونية.
إعداد شهيوات وعجائن بأنواع مختلفة، بوصلتهن لتجاوز ضائقة فرضتها كورونا. يعدن أصنافها ويعرضنها بالشارع العام، طمعا في زبناء ينعمون عليهن بدراهم قليلة لكنها مفيدة جدا بالنسبة لمن لا مدخول له أو انحصر مدخوله في الشهور الأيام، لحد عيشه أزمة خانقة صعب تجاوزها.
على طول الشارع القريب من مسجد الإمام علي بلابيطة الدكارات، اصطففن في طابور متباعد عاشرات ما برعن في إعداده من حرشة ومسمن وبغرير وشهيوات وخبز بلدي، لها زبناء خاصين يقبلون عليها ويفضلون عارضاتها بالشارع العام، من باب الدعم أو لغياب بديل.
كثير منهن افترشن الأرض أو جلسن على كراسي بلاستيكية، خلف طاولات كارتون عليها سلعهن المعروضة للبيع والمساومة حسب سخاء كل زبون، لكنها أرخص من محلات قليلة اختارت إعداد شهيوات رمضان على اختلاف أنواعها من العجائن إلى الشباكية وما بينهما مما لذ وطاب.
فاطمة مسنة اختارت هذه الطريقة للكسب المؤقت في رمضان. حلت بالموقع من حي بعيد، بحثا عن زبناء أكثر سخاء بحي شبه راق قريب من مركز المدينة. ولم تندم على ذلك رغم ما يكلفه تنقلها من مال وتعب، طالما أنها تبيع كل ما تعد وتربح ولو القليل من الدراهم.
يتجاوز ربحها اليومي 30 درهما تساعدها على تدبر تكاليف ومصاريف هذا الشهر الفضيل الذي لم تمنع ظروف الأزمة الخانقة للعديد من الأسر الفاسية بسبب ظروف كورونا، من انتشار كل مظاهر "اللهطة" والإقبال بنهم على ما تشتهيه البطون من طيب الأكل والشهيوات.
تجلس فاطمة كل يوم بنفس المكان، وتعرض نفس السلع وتتطلع عيناها لزبناء قد يختلفون دون أن يختلف وضعها المستقر على نفس الحال والانتظار. بين الفينة والأخرى تبادل جوارها من نساء من نفس طينتها، الحديث عن "الظروف" وشغب الحفدة وتنصل الأبناء.
المساحة فسحة للبوح والكسب، وحديثها مع زميلتها المجاورة، لم يكسر تسلسله إلا سؤال زبون عن ثمن خبزة صغيرة وأنواع مختلفة مما تعرضه من عجائن وشهيوات. "درهم أسيدي" تشير فاطمة وتمسك بكمية خبز وكأنها واثقة من أنه سيشتريها، فيرد عليها باستغراب "رخيصة".
تبتسم ابتسامة تخفي حقيقة ما بالقلب، قائلة "رخيصة بالنسبة ليك أسيدي"، رد صدمه وحرك فيه رغبة المساعدة، ليناولها 20 درهما ويقتني نسبة كبيرة مما تعرض. تجمع ما احتاجه واشتهاه، وتسلمه إياه، وتخاطبه وهو مدبر "يا ريت يكون غير 10 زبناء بحالك".
قالتها ولم تنتظر جزاء ولا شكرا، فالبسمة في وجه أخيك أغلى وأهم. عبارة فاه بها الزبون وتركت صداها في أذنيها واختفى مهرولا، لتبقى فاطمة وزميلاتها في انتظار الزبناء والفرج وانفراج ضائقة دفعتهن مكرهات للخروج من منازلهن في يوم حار، بحثا عن رزقهن بالحلال.