كيف أذلت المخابرات المغربية نظيرتها الجزائرية و الإسبانية في "موقعة" غالي ؟

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

02 يونيو 2021 - 11:20
الخط :

بعدما كان المغرب يقوم بوضعية الدفاع والهجوم المحتشم في قضية الوحدة الترابية المغربية، بدا أن المغرب غير كليا سياسته الديبلوماسية في ملف الصحراء خلال سنة تقريبا، والتي بدأت بشكل هادئ قبل أن تتخذ منحا هجوميا.

الهجوم الديبلوماسي المغربي في مواجهة المناورات "الخبيثة" للعسكر الجزائري وخصوم الوحدة الترابية التي تدعم بشكل أو آخر الجبهة الانفصالية البوليساريو، بدأت بشكل هادئ عندما شرعت المملكة في افتتاح قنصليات الدول الأجنبية في الأقاليم الصحراوية للمغرب، بالضبط في الداخلة والعيون، ومرت عبر التدخل العسكري المغربي في الكركرات لطرد مرتزقة الجزائر والبوليساريو الذين كانوا يمنعوا بين الفينة والأخرى الحركة التجارية والمدنية تجاه دول جنوب الصحراء، لتتطور عبر الرد العسكري المغربي باستعمال بعض الأسلحة الثقيلة لردع كل محاولة كانت تقوم بها المليشيات الانفصالية في الجدار العازل لاستفزاز المغرب، مما تسبب في العديد من القتلى أمام أنباء عن إصابة غالي بإحدى الغارات بطائرة الدرون.

ولم تقف الديبلوماسية المغربية عند هذا الحد، بل انتزعت اعتراف الادارة الأمريكية، الطرف والمعادلة القوية والمؤثرة في مسار ملف الصحراء على المستوى الأممي، الأمر الذي أفقد خصوم المغرب صوابهم، بدء بالعناصر الانفصالية، ثم الجزائر، باعتبارها الدولة المحتضنة لهؤلاء الانفصاليين، انتهاء بالدول التي تدعم البوليساريو في الخفاء، ومنها دول الاتحاد الأوربي، وفي مقدمتهم اسبانيا وألمانيا وفرنسا.

بعد هذه المعارك والانتصارات الديبلوماسية، استغل المغرب دخول زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، ابراهيم غالي، إلى اسبانيا سرا وبهوية مزورة في عملية تنسيقية تمت بين الاستخبارات والعسكر الجزائري وسلطات اسبانية، من أجل تلقي العلاج بأحد المستشفيات، حسب ادعاء وزير الخارجية الاسبانية.

لكن هذه الفرصة جلعت الاستخبارات المغربية تبرهن على فطنتها وقوتها في كشف مختلف المناورات، فوجهت ضربة قاسمة لاسبانيا والجزائر والانفصاليين كلهم معا، مما "يعد انتصارا استخباراتيا قويا حققه المغرب" يقول محمد شقير، الخبير في قضايا العلاقات الدولية والسياسية.

شقير اعتبر أن مجرد مثول المدعو "غالي" أمام القضاء الاسباني واستنطاقه، حتى ولو لم تكتمل مسطرة المحاكمة، الا أن ذلك كاف ليجعل المغرب ينتصر في هذه المعركة، لأنه شوه صورة البوليساريو وزعيمها، وأظهر المغرب للعالم أن زعيم هذه الجبهة الانفصالية مجرم ويشتغل خارج القانون، ويقوم بممارسات تتناقض مع مبادئ القانون الدولي بدعم من الجزائر، وبعض الدول الأخرى، مما يشكل ضربة موجعة للجزائر والبوليساريو والمخطط الانفصالي ككل.

ولفت شقير في حديثه "للجريدة24" إلى أن قضية المدعو "غالي" أبانت أن المغرب له استخبارات قوية ليس في كشف الخلايا الإرهابية فقط، بل حتى لكشف المناورات السياسية، لافتا إلى أن تحرك الاستخبارات المغربية في هذا الملف بالضبط شكل نوعا من الضغط على الاسبان، وكشف مكامن ضعف الديبلوماسية الاسبانية،.

وشدد الخبير في العلاقات الدولية على أن المغرب مطالب بترسيخ هذا الانتصار الديبلوماسي والاستخباراتي وحتى الاعلامي الذي حققه في الآونة الأخيرة، قبل أن يضيف أن هذا الانتصار يرتبط في الجهة المقابلة بمدى استحابة السلطات الاسبانية في إعادة النظر في علاقتها مع المغرب على المستوى الاقتصادي والسياسي وعلى مستوى القضية الوطنية.

وأبرر محمد شقير أنه بالرغم من كون المغرب انتصر لحد الآن في هذه المعركة الديبلوماسية والاستخباراتية والاعلامية الجارية، إلا أن اسبانيا تتردد في الاعتراف بأخطائها الديبلوماسية، ولذلك لا تريد إظهار الانهزام أمام المغرب.

ولفت المتحدث إلى أن الذي جعل المغرب يخطو خطوات ديبلوماسية ونهجه أسلوبا هجوميا تجاه اسبانيا وألمانيا، وحتى باقي دول الاتحاد الأوربي، الذي طالبتهم بالانسجام في مواقفهم تجاه شريكهم الاستراتيجي المغرب، هو التطور الأخير الذي حصل على مستوى ملف الصحراء، والذي كان عقب اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وفتحت قنصلية لها في العيون، بالنظر للثقل السياسي الذي تنعم به الولايات المتحدة الأمريكية كونها تتحكم في جزء كبير من ملف الصحراء، وكونها هي التي تعمل على صياغة تقرير مجلس الامن حول الصحراء، وكون جل المبعوثين إلى هذه الأخيرة كان يتم تعيينهم من أمريكا.

هذ التطور، حسب شقير، جعل الديبلوماسية المغربية تتحرر من الضغوطات التي كانت تمارسها دول الاتحاد الاوربي، والتي كانت تصل حد الابتزاز السياسي، ولاسيما الابتزاز الذي كان يتعرض له المغرب من قبل فرنسا وألمانيا واسبانيا.

آخر الأخبار