الداكي: كلنا مؤتمنون على تعزيز شروط ضمانات المحاكمة العادلة ودعم الهيئات القضائية

قال الحسن الداكي رئيس النيابة العامة ان النضال حول مبادئ المحاكمة العادلة ظل لصيقا منذ القدم بمطلب استقلال القضاء. وانسجاما مع هذه المعادلة فقد انخرط المغرب في العقدين الأخيرين في مسلسل إصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة.
جاء هذا في الندوة الوطنية حول: "المحاكمة العادلة بالمغرب في ظل عشر سنوات من نفاذ دستور 2011" المنظمة بشراكة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية وهيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون
وأوضح الداكي ان الوثيقة الدستورية لسنة جاءت 2011 بعدة تعديلات جوهرية بوأت من خلالها السلطة القضائية مكانة دستورية باعتبارها سلطة مستقلة عن باقي السلط من خلال أحكام الفصل 107 منه، كما أرست دعائم استقلال النيابة العامة وأوكلت للقضاء بموجب أحكام الفصل 117 حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون.
كما أولى الدستور المغربي أهمية بالغة لحقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم ترجمها من خلال تأكيده على حماية منظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ضمن المبادئ الأساسية التي تضمنتها ديباجته، بالإضافة إلى التكريس الدستوري للحق في محاكمة عادلة من خلال الفصل 23 منه.
وتكريسا لهذا البعد الدستوري المتعلق بحماية الحقوق والحريات وضمان المحاكمة العادلة، يضيف الدكي، وضعت رئاسة النيابة العامة هذه المواضيع ضمن أولوياتها القارة في السياسة الجنائية التي تسهر على تنفيذها وذلك في استحضار تام للتعليمات الملكية السامية التي وردت في ظهير تعييني وكيلا عاما لدى محكمة النقض، وبهذه الصفة رئيسا للنيابة العامة والتي أناطت بالنيابة العامة الدفاع عن الحق العام والذود عنه وحماية النظام العام والعمل على صيانته والتمسك بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف وصيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، أفراداً وجماعات في إطار من التلازم بين الحقوق والواجبات.
وانطلاقا من هذه الأدوار الهامة المنوطة بالنيابة العامة، فإن هذه الأخيرة في إطار تدبيرها للدعوى العمومية تحرص على التمسك بالتطبيق السليم للقانون باعتباره مدخلاً أساسياً لتحقيق شروط المحاكمة العادلة، كما تحرص النيابة العامة على تكريس حقوق الدفاع في إطار المحددات المنصوص عليها قانونا وفق منظور يعطي للمحكمة كامل الاستقلالية في الإنصات والاستماع للأطراف ومناقشة وقائع القضية، وبما يكفل أيضا بسط مختلف أوجه الدفاع والذي يشكل قطب الرحى في تحقيق شروط المحاكمة العادلة الذي يظل فيها القضاء أحد الضمانات الأساسية لتحقيقها، كما نص على ذلك الفصل 117 من الدستور والفصل 41 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وهي نماذج لتجليات الدور الذي يضطلع به القضاء في تكريس ضمانات المحاكمة العادلة التي تتمحور حول صون الحقوق والحريات.
وبحسب الداكي فان رئاسة النيابة العامة تضع على رأس أولويات اشتغالها الإنصات لتظلمات المواطنين، وحسن تحسين ظروف استقبالهم والتواصل معهم والانفتاح على مطالبهم ومقترحاتهم، متطلعة في ذلك إلى تكريس الشعار الذي رفعته لهذه المرحلة ألا وهو "نيابة عامة مواطنة"، غايتها في ذلك خدمة المواطنين، وإشاعة معاني العدالة في أبهى صورها وتعزيز الثقة لدى المتقاضين.
وإذا كانت مسؤولية المشرع قد استكملت بسن النصوص القانونية المحددة لشروط المحاكمة العادلة، فإن الهدف الراسخ المتمثل في التفعيل العملي السليم لقواعدها ومبادئها، تتقاسمه أجهزة العدالة بكل مكوناتها، وهذا ما يدعونا جميعا الى تفعيل ما تَكَوَّنَ لدينا من رصيد قانوني متقدم يروم تكريس المبادئ الكبرى المحددة للمحاكمة العادلة، ويقتضي منا جميعا استحضار أدوار كل الفاعلين في حقل العدالة في هذا المجال من قضاة وعلى الخصوص هيئة الدفاع، وكافة مساعدي القضاء من عدول، وخبراء، وموثقين، ومفوضين قضائيين، وشرطة قضائية، فكلنا مؤتمنون على تعزيز شروط ضمانات المحاكمة العادلة من خلال دعم الهيئات القضائية وتيسير مهامها أثناء مختلف مراحل المحاكمة، وذلك من خلال إشاعة روح الثقة، والنزاهة، والحياد وبالتالي تكريس التطبيق السليم للقانون، غايتنا الفضلى إحقاق الحق والإحساس بالاطمئنان إلى مبادئ المساواة أمام القانون.