لعمامرة.. الوزير الجزائري المكلف بمهمة اسمها المغرب

الكاتب : الجريدة24

17 يوليو 2021 - 12:00
الخط :

لم يكن مستغربا لدى الأوساط المهتمة بقضية العلاقات المغربية الجزائرية أن تتصدر قضية الصحراء، أجندة الوافد الجديد على رأس الدبلوماسية الجزائرية، فرمضان العمامرة الذي تم تعيينه مؤخرا وزيرا للخارجية بلاده سبق وان انيط به هذا المنصب في عهد بوتفليقة سنتي 2007 و2013.

وكان الهدف من هذا  التعيين هو التركيز على ملف الصحراء وإحالته على أحد أبرز الإطارات السامية بوزارة الشؤون الخارجية، من أجل تفعيل الدعم الجزائري لما يسمى بالقضية الصحراوية.

العمامرة كان يشغل سفيرا للجزائر بواشنطن، وكان الهدف من ترقيته لهذا المنصب هو توظيف علاقاته التي تربطه بعدد من الأوساط الدبلوماسية الأمريكية  من أجل تليين الموقف الأمريكي من قضية الصحراء، عبر استبعاد طرح الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب، وتبني خيار حق تقرير المصير الذي تطالب به جبهة البوليساريو ومن خلفها الجزائر.

العمامرة يعتبر، من بين إطارات الخارجية الجزائرية النشيطة في ملف الصحراء ، حيث أجرى سلسلة من الجولات الدولية في إطار دعم مطالب حق تقرير المصير ومساندة الأطروحة الانفصالية.

وكان ضمن الفريق الجزائري المكلف بمسح أثار الدبلوماسية المغربية في أي بلد تحل به. وقد سبق وان قام بهذا الدور زمن وزير الخارجية المغربي محمد بنعيسى حيث أنيطت به مهمة محو آثار المهمة التي قام بنعسى لدى زيارته لدولة سلوفاكيا. كما كان لعمامرة ضمن الوفد الجزائري الذي كان يحضر المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو في عهد الوسيط الأممي الأسبق فان والسوم.

العمامرة  يتقن مجموعة من الملفات الأمنية الحساسة على الساحة الإفريقية ، ولديه شبكة من العلاقات مع رؤساء عديد من الدول ، تسمح للدبلوماسية الجزائرية بالتحرك براحة كبيرة في المستقبل، خاصة على مستوى بعض البلدان المجاورة مثل مالي وليبيا وأيضا تونس.

وقد سبق أن لعب دورا محوريا في الأزمة التي شهدتها ليبيا قبل مقتل رئيسها السابق معمر القذافي على أيدي الثوار، وهو الذي قام بتسويق المبدأ الإفريقي القاضي بعدم السماح بأي تدخل عسكري في ليبيا لكنه فشل في هذا المسعى بعد ان قام حلف الناتو بإقامة مناطق عازلة بليبيا وأعان الثوار عسكريا على هزيمة كتائب القذافي .

هو من مواليد ولاية بجاية الجزائرية  في عام 1952 ، تخرج من المدرسة العليا للادارة ، اشتغل سابقا في منصب الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية ،  وعمل مبعوثا للأمم المتحدة الى ليبيريا بين عامي 2003 و 2007 ، و في المجال الدبلوماسي اشتغل كسفير الجزائر لدى الولايات المتحدة الامريكية في الفترة بين 1993 و 1996 ،  و انخرط في العديد من الوساطات لحل عدد من النزاعات في القارة الافريقية.

أما على صعيد المنظمات الدولية فقد شغل منصب حاكم مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، و في عام 2008 تم تعيينه مفوض مجلس شؤون السلم و الأمن الإفرقيين.

أول مهمة يقوم بها غداة تسميته بالرجل الأول في الدبلوماسية الجزائرية، هي محاولة محو أثار الدبلوماسيين المغاربة.

بحسب عدد من المراقبين فان العمامرة بات مكلفا بملف وحيد اسمه المغرب وقضية الصحراء.

الأوساط الرسمية الجزائرية تقدم رمضان لعمامرة باعتباره رجل المطافئ في القارة السمراء لكنه في ملف العلاقات الجزائرية المغربية يظل معبرا عن إرادة الدولة العميقة الجزائرية التي يحكم زمامها العسكر تحت غطاء جبهة التحرير التي لم تتخلص من عقدة حيازة المغرب لاستقلاله قبل الجزائر.

كما أن الخلاف المغربي الجزائري هو معقد و عميق و يتراكم يوما بعد يوم، و لا يمكن اختزاله في شخص الرئيس أو وزير خارجيته و لا قادة المؤسسة العسكرية الحاليين، فطبيعة العلاقات السياسية تضرب جذورها في تاريخ البلدين، و خاصة منذ دخول الأتراك العثمانيين للجزائر، و احتلال فرنسا لها سنة 1830.

فكلما واجهت الجزائر مشاكل داخلية أو عزلة خارجية أو أزمة اقتصادية، نراها تلجأ إلى اختلاق أزمات مع جيرانها و حتى مع أعدائها (فرنسا وامريكا  )، حسب مقاربة خاصة بها، و أجندة تمليها على الآخرين..انها رؤية استراتيجية قديمة لا يمكن تجاوزها، وقدر المغرب أن يتحمل هذه الخصوصية الجزائرية إلى أن يحدث الله أمرا.

آخر الأخبار