الـ"بيجيدي" وقيادة حكومتين متعاقبتين بأسلوب الاتباع دون الإبداع

هشام رماح
في ظل ولايتين حكوميتين تحت قيادة حزب العدالة والتنمية استشعر المغاربة عجز التوليفات التي نسجت من لدن الإخوان، على مدى عقد من الزمن لتدبير شؤون البلاد، عن إجراء إصلاحات جذرية خاصة في الشقين الاقتصادي والاجتماعي، بما جعل التدخلات الملكية خلال اجتياح فيروس "كورونا" هي البلسم، الذي خفف من الآلام واللواعج وجعل المملكة قادرة على تخطي المحن أكثر من محيطها لتنبعث من رمادها من جديد مثل العنقاء.
لكن الهبة المغربية والنموذج الذي خطف الإعجاب تزامنا وجائحة "كورونا" ما كان لينسي المغاربة وهم على أبواب الانتخاب غدا الأربعاء 8 شتنبر 2021، ما عانوه خلال عشر سنوات تحت حكومتي عبد الإله ابن كيران وسعد الدين العثماني وقد انكشف للجميع افتقادهما لأي سياسات تنموية، بما كان لهذا "الفقر" الوقع الأكبر على الاقتصاد المغربي، فقد اكتفى رئيسا الحكومة باتباع ما يملى عليه مثل توصيات صندوق النقد الدولي دون إبداع حلول أو مغربة أخرى لتتماشى مع خصوصيات البلاد.
ولطالما أذعنت الحكومتان اللتان ترأسهما الـ"بيجيدي" لتوجيهات صندوق النقد الدولي ونفذتها بحذافيرها دون "مناورة" منهما تستطيعان بها التوفيق بين الواقع المعاش وما هو مأمول في القادم من الأيام، على أن الـ"FMI" وإن سبق وحذر الحكومتان معا من المزيد من النفقات وتقليصها، فإنهما آثرتا كالعادة اللجوء إلى أقصر الطرق لتنفيذ "التعليمات" وهي جيوب المواطنين لضخ المزيد من الأموال في ميزانيتها العامة.
ولطالما أثبتت حكومتا العدالة والتنمية، باستجابتها لتوجيهات "صندوق النقد الدولي" أنها تعاكس الطموحات الشعبية التي كانت تتوسم فيها القضاء على الفساد ومحاربة الريع كما رفع الـ"بيجيدي" شعارا له في 2011 وحالفه حينها حظ لم يكن حظ المبتدئين قطعا، لكنه لن يدوم وفق تطلعات الخصوم خصوصا والمغاربة عموما بعدما عمدت الحكومتان المتعاقبتان إلى تقليص نفقاتهما في مختلف المجالات التي ترهن حاضر ومستقبل المغاربة مثل الصحة والتعليم، وأنهما سارتا عكس رغبات المواطنين عبر إثقال كاهلهم بـ"ضرائب" جديدة مثل الرسوم الإجبارية الواجب أداؤها عند كل تأمين للعربات تحسبا من وقوع كوارث طبيعية!!!
وكانت حكومة سعد الدين العثماني قد أبهرت المغاربة بابتداع ما وصفته بـ"نظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية"، من أجل استخلاص الأموال من جيوب المغاربة "كرها" عن طريق هذا النظام الذي يقوم على أداء واجب تأميني ضد الكوارث الطبيعية التي قد تجتاح المغرب مستقبلا، بشكل قبلي، كما أنه وعلى مدى السنين التي تعاقبت أثبت هو وسلفه عبد الإله ابن كيران عبر اتخاذهما قرارات جزافية أنهما كانا في حل تام من إعمال العقل وإبداع حلول بديلة غير أموال المغاربة، فكان أن أصيبوا بلظى نظام "المقايسة" وتحرير أسعار المحروقات والتعديل في صندوق المقاصة والرفع من سن التقاعد وووووو...
واللافت، أن في خضم "المناورات" التدبيرية لرئيسا الحكومتين السابقتين تبدى جليا أنهما لم يلقيا بالا لهموم المواطنين وحثا السعي نحو تجريد الدولة من مختلف مسؤولياتها القائمة تجاههم عبر استسهال دور الدولة في تدبير القطاعات الحيوية وهو ما يتطلب الكثير من الحنكة دون الاهتمام فقط بـ"نهب" جيوب المغاربة.. وهو ما أبدعت فيه الحكومتان السابقتان.. والأمل معقود على عدم تكرار وعود عرقوب.