أخطر ما يهدد السياسة ويعصف بجاذبيتها الشعبية

بعدما بدا عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، مصمما على تصدر حزبه للانتخابات التي ستجري اليوم الأربعاء، وبالتالي ترأسه للحكومة المقبلة طبقا لما ينص عليه الدستور، عاد الجدل من جديد حول زواج المال والسلطة الذي يمثله أخنوش وعدد من رجال الأعمال الذي يخوضون غمار الانتخابات.
واعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عبد الرحيم العلام، أن "أخطر ما يهدد السياسة ويعصف بجاذبيتها الشعبية، ويفسد التشريع ويجعله في خدمة المصالح الضيقة، هو ارتباط السياسة بالمصلحة الخاصة الضيقة الأنانية، والجمع بين الثروة والسلطة، واستغلال الثانية من أجل الحفاظ على الأولى، وجعل الأولى في خدمة الثانية".
ولفت العلام إلى أن "تهافت الأغنياء على احتلال المناصب السياسية، ليس دائما من أجل المصلحة العامة، بل غالبا ما تحضر المصلحة الخاصة؛ فجلهم يتوغل في المؤسسات السياسية من أجل الدفاع عن مصالحهم، ودعم التشريعات التي تحقق أرباحهم، كما أن مواقعهم في دواليب الدولة تمكّنكم من الاستفادة من الريع والتحايل من أجل الحصول على الصفقات، وغيرها من الأساليب التي تضر بالمنافسة".
واعتبر المحلل السياسي أن الأغنياء يبحثون، من خلال الانتخابات، عن مواقع داخل السلطة من أجل إخراج تشريعات تخدم المصالح الضيقة، وتكرّس الفوارق، والاستفادة من الأراضي بأثمنة رمزية بدعوى التشجيع على الاستثمار، أو توفير عروض السكن، والحصول على المعلومة الاقتصادية بطريقة غير قانونية في إطار التسابق على المعلومات من قبيل: معرفة الأراضي التي ستتحول إلى المجال الحضري، والشركات التي ستتم خصخصتها، والأسهم التي ستنخفض أو ترتفع في سوق البورصة، والمناطق التي ستخلق بها موانئ...إلخ.
وأضاف أن الذين يزاوجون بين الثروة والسلطة يسعون إلى استغلال غياب المراقبة، وخلو البلاد من هيئة فعّالة لتنظيم المنافسة وزجر الاحتكار، من أجل رفع الأسعار بطرق غير مقبولة، وبحجم لا يتوافق مع القدرة الشرائية للمواطنين، بهدف مراكمة الثروة وحصد المواقع المتقدمة داخل التصنيفات الدولية لكبار الأغنياء.
وتابع أن هذه الفئة من المرشحين يسعون إلى الاستفادة من الريع المتمثل في رخص الصيد في أعالي البحار أو مقالع الرمال أو احتكار المناجم، واستغلال المنصب الحكومي أو البرلماني من أجل تسهيل المعاملات والاقتراب من صناعة القرار الاقتصادي، وسهولة الحصول على القروض البنكية، والتحايل من أجل ربح الصفقات العمومية، والتهرب الضريبي، أو تشكيل لوبيات من أجل التأثير على المشرّع لكي لا يفرض ضرائب معينة.
ذات المصدر أكد أن هدف هؤلاء الذين يجمعون بين المال والسلطة هو التحايل من أجل عدم تسجيل العمال في صندوق الضمان الاجتماعي، أو التقليل من عدد أشهر التسجيل أو تخفيض الأقساط، أو منعهم من الحق في العمل النقابي، أو الاعلان الكاذب عن الإفلاس، وتقسيم الشركات وتصغيرها أو النفخ في المصاريف حتى تنفلت من الإلتزام الضريبي، وإفساد السوق من خلال الجمع بين المال والسلطة، لأن وجود التاجر في منصب حكومي يجعله في موقع الأفضلية، ويمكّنه من معلومات غير متوفرة لغيره، ويُنمّي تجارته أكثر من تجارة غيره.