سور تارودانت العظيم...قلعة عسكرية متفردة

الكاتب : الجريدة24

07 أغسطس 2022 - 10:15
الخط :

 

أمينة المستاري

 

"إذا كان للصين سورها العظيم، فإن لتارودانت سورها"... قولة يفتخر بها أهل تارودانت وسوس، ف"مراكش الصغيرة" كما يدعوها أهلها يحيط بها أطول سور تاريخي في افريقيا.

تارودانت أو "رودانة" الساحرة، حاضرة أمازيغية اعتبر فتحها من طرف المسلمين معجزة، فقد كانت عصية على كل من حاول دخولها، نظرا لسمك سورها المبني على شاكلة الأسوار المغربية الأندلسية الوسيطية.

وقد اعتبر مفخرة عمرانية، ويحمي أصالة وهوية المدينة، فبعد الفتح الإسلامي، استسلمت باقي القبائل لإيمانهم بكون الفاتحين تحرسهم القدرة الإلاهية وتقف إلى جانبهم بعد إفلاحهم في دخول المدينة.

يبلغ سمك سور تارودانت الذي يعود بناؤه إلى عهد المرابطين 7 أمتار، ويصل علوه أزيد من 7 أمتار، يتكون من ثلاثة جدران متراكبة ظلت بفضله تارودانت منيعة أمام الغزاة: الجدار الأول يبلغ سمكه ما بين 80و90 سنتمترا، أما الجدار الثاني فيبلغ سمكه ما بين مترين وثلاثة أمتار يسمى ممر الحراسة، وكان ممرا تتجول فيه كتائب الحراسة ليراقبوا ما يحدث خارج السور، أما الجدار الثالث فيسمى ممر الدورية، كانت تمر منه دوريات من الخيالة يراقبون الحراس ومدى يقظتهم واستعدادهم، وهو أكثر سمكا وأقل ارتفاعا يرتفع إلى نصف ممر الحراسة، ويصل اتساعه إلى ثلاثة أمتار.

ويعرف السور الذي ينبيت به أزيد من 130 برجا و9 حصون تتخلل أبوابه الخمسة الملتوية: باب السلسلة أو "باب السدرة"، ثم باب أولاد بونونة وباب تارغونت، باب الزركان وباب الخميس.

وكان لهذه الأبواب أدوار مهمة خاصة الدور الجبائي، وأمنيا خاصة في فترات الحروب أو حيث كانت الأبواب الخلفية تغلق قبل الأبواب الأمامية، وعند وصول الغزاة إلى الساحة الأولى يضع لهم أهل المدينة فخا ويهاجمونهم من أعلى السور، بين بابين، كطريقة لمحاصرة المهاجمين.

وشهد السور المشيد بالتراب المخلوط بالجير المخلوطة بالحصى، عدة عمليات ترميم منذ عهد السعديين، في الوقت الذي لم تهدم جزء منه بسبب تراكم المياه فوق الممر وتأثيره في السور، ولم يتبقى من الجدار الثالث سوى بعض الشواهد في "باب ترغونت" أو "باب بونونة"، كما زال الجدار الثاني الذي كانت تعلوه طبقة سميكة من "تادلاكت"، التي لا تسمح بتسرب المياه.

ورغم الترميمات إلا أنه اختلف في جماليته عن المظهر التاريخي، فلم يتم اعتماد نفس الهندسة الأصلية، إضافة إلى أن إزالة الممر الحراسة الذي يدعم السور تسبب في انهيار أجزاء من السور، بعد الأمطار التي عرفتها المدينة لسنوات. ويصف البعض الأسوار كمؤسسة عسكرية، ودليل على "الدقة والقوة في التقدير والمنطق الحربي السليم".

آخر الأخبار