فرنسا والمغرب.. للبرود في العلاقات أسباب

الكاتب : الجريدة24

31 أغسطس 2022 - 02:30
الخط :

فرنسا والمغرب.. للبرود في العلاقات أسباب

هشام رماح

الأمور ليست كما يرام بين المغرب وفرنسا، وهذا أمر يمتد إلى ما قبل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء ثم ألمانيا وإسبانيا ودول أخرى، غير أن البرود في العلاقات بين البلدين استشرى بسبب محاولة الفرنسيين اللعب على الحبلين إزاء قضية مفصلية للمغرب والمغاربة أجمعين.

ورغم أن فرنسا أبدت دعمها للمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية تحت سيادة المملكة، والذي تم تقديمه في 2007، إلا أن هذا الدعم لم يكن قويا بشكل يمكن من وصفه بـ"الناعم" الذي لا يرضي المغرب ولا يغضب الجزائر التي ترى فيها مستعمرة من الصعب عدم الطبطبة عليها بعد 132 سنة من مص دمائها واستنزاف مقدراتها.

وبالنظر إلى الدعم الذي تدعيه فرنسا للمقترح المغربي، فهو قد كلف المغرب كثيرا مع بلد نفعي استطاب الاستنزاف والعيش على ظهور الآخرين، فبينما نعم الفرنسيون بالفرص التي يوفرها الاقتصاد المغربي باشتراطهم معاملة تفضيلية، ظهر للمغرب أنه لا يستطيع ربط مصيره بهؤلاء النفعيين والعالم من حوله يقدم نماذج شركاء يتبنون الـ"براغماتية" بجوهرها الإيجابي بناء على منطق "رابح- رابح".

أيضا، الدعم الفرنسي "الناعم" للمقترح المغربي لم تكن لها أدنى كلفة سياسية، وهو أمر أدته إسبانيا وألمانيا اللتان قررتا الاصطفاف إلى جانب المغرب ودعمه قويا، كما يستحق بمنأى عن أي انتهازية للموقف ومحاولة اللعب على حبلي المغرب والجزائر التي تبذل كل المساعي لإيجاد منفذ لها إلى المحيط الأطلسي على ظهور من صنعتهم من الانفصاليين.

في المقابل فإن البرود المستشري بين المغرب وفرنسا، مرده الموقف البات للمملكة في دفاعها عن وحدتها الترابية وحوزة الوطن كاملا من طنجة إلى الكويرة، وما زاد في شدة البرود هو عدم تحري الفرنسيين موقفا شجاعا والسير على خطى الأمريكان والإسبان والألمان في دعم المقترح المغربي بشكل حاسم كفيل بالمضي قدما نحو طي ملف عمر لعقود طويلة وفي استدامته ما ينفع الانتهازيين مثل فرنسا التي لا تبقي ولا تذر فرصة للاسترزاق من النزاعات والخلافات القائمة أمامها.

وإذ لا مانع أمام الفرنسيين يحول دونهم وتبني موقف واضح، فإن انتفاء المانع كان سببا للمغرب ليسائل نفسه عن الأسباب التي تجعله مرتبطا بفرنسا، وهي مساءلة سرعان ما تبدت من خلالها معالم النفاق الفرنسي الذي انفضح أمام الجميع، ودفع حكام الظل في البلد الاستعماري إلى شن حرب مضمرة ضد المغرب من أجل ثنيه عن الانسلال بين أصابعها في الوقت الذي تحكم قبضتها على جارتيه الجزائر وتونس.

لقد رأت فرنسا في تنويع المغرب لشراكاته ما يغيظها وما يقض مضاجع حكامها في الظل، فهم وبعدما حرصوا أشد الحرص على استدامة دعمها "الناعم" الذي يضمن الإبقاء على مكانتها كمحظية في الاقتصاد المغربي، أصبحوا يرون الآن أن مصالحهم الاقتصادية في المغرب مهددة أمام المنافسة الأمريكية والإسبانية والألمانية، التي تعترف بالشراكات الندية بخلاف العقلية الفرنسية التي تسبغ وصف الشريك على كل من خضع وخنع وطأطأ الرأس منقادا لها.

آخر الأخبار