الكزيرة تحقق حلم الطيران بين الجبل والبحر

أمينة المستاري
على بعد حوالي 10 كيلومترات من سيدي إفني، يقودك منحدر اسمنتي بين الجبل ومخيم للأجانب إلى ساحة صغيرة توقفت عندها السيارات، لتسلك طريقا صغيرا يمتد أمتارا قليلة، يقودك إلى شاطئ "الكزيرة" الساحر، وهضبتها التي فقدت قوسها العتيد "بويس" باللهجة الباعمرانية.
كان منظر الطائرات الشراعية بألوانها المختلفة تثير الانتباه، وجعلت الأعين تحدق بصبر لتبع مسارها من أعلى الجبل نزولا نحو الشاطئ، لتنتهي بمحاولات ناجحة تمت بشكل كامل وهبطت بأمان على الرمال، فيما تعثرت إحداها لتسقط في الماء، وتنتفض السيدة لتسرع بجمع جنبات طائرتها قبل أن تغمرها المياه كاملة، يساعدها رفيقها.
طوما و كورين... سائحان فرنسيان قدما من جبال الألب، أعجبا بالمغرب وأصبحا يقصدان أكلو والكزيرة من حين لآخر، للتمتع بلحظات من المتعة والطيران الحر بممارسة الطيران الشراعي من أعلى جبل في الكزيرة.
السائحان وصفا المنطقة بـ"جنة" صغيرة، فقد تعرفا من خلال صديق لهما على ما تزخر به المنطقة من مؤهلات طبيعية، ودفعهما ذلك إلى حمل أمتعتهما لاستكشاف منطقة تفتقد الألب لمثل مقوماتها، فهناك يسود الضباب فوق الجبال في الخريف والشتاء بخلاف الكزيرة وأكلو ومير اللفت التي تشتهر بشواطئها الجميلة، وشمسها الساطعة وأمواجها ورياحها على امتداد السنة.
قدم طوما وكورين إلى المنطقة، ويمارسان هوايتهما ضمن مجموعة مكونة من خمسة أشخاص، أحدهم صديقهما الذي يتجاوز عمره العقد السادس، فهو اعتاد ممارسة هوايته بالكزيرة منذ 25 سنة، وبفضله تمكن كل من طوما وكورين من الطيران كمتعة وهواية.
تقول كورين للجريدة24 :" نحن هنا لممارسة هوايتنا سواء كطيور حرة من خلال الطيران اليومي من أعلى الجبل والتحليق عاليا، نستمتع بمشاهدة منظر رائع قبل النزول في الرمال، وأيضا نتحول إلى أسماك تسبح في مياهها ونستمتع بهذه المؤهلات الكثيرة التي تزخر بها المنطقة."
طوما بدوره تعرف على المنطقة منذ سنة ونصف، واتخذها ملاذا لممارسة هوايته المفضلة، يقضي بمعية المجموعة أياما بالكزيرة، بين الجبل والبحر كطائر حر، فالمنطقة تتميز بالرياح التي تسهل عملية الطيران، وفي كل مرة ينتقل مع المجموعة على متن سيارة تحمل الأمتعة إلى سطح الجبل للانطلاق من هناك والقفز بالطائرات الشراعية، وهي متعة لا توصف بالنسبة له. يقول طوما في تصريح للجريدة24: " وجدنا ضالتنا هنا بين أكلو والكزيرة، الماء والشمس والرمال...أشياء نفتقدها عندنا في الألب، وهو ما جعلنا نقضي عطلتنا هنا في المغرب لما يتوفر عليه من مؤهلات مجتمعة".
الكزيرة...تحولت إلى نقطة جذب للأجانب من عاشقي الطيران الشراعي أو "السورف"...فشاطئها ساحر يتحدث عن نفسه، بنظافة مياهه ورماله، وأمواجه تسحر هواة "السورف" والسباحة لقضاء فترة بين جبلها ورمالها، والاستمتاع بهدوئها وسكينتها.
تمكنت هذه "الجنة" الصغيرة الساحرة، التي أخذت اسمها من الجزيرة المطلة على المكان، من أن تصبح قبلة للرياضيين ليس فقط وطنيا بل أيضا عالميا، وجلبت السياح الراغبين في الاستمتاع بمؤهلات قلما توفرت عليه بلدانهم "البحر والشمس والجبل". كما استطاعت أن تستقطب بعض المستثمرين من أبناء المنطقة لإقامة وحدات فندقية مصنفة من الدرجة الثالثة، تشجع على الإقامة بالمنطقة، فيما انتشرت بعض المقاهي الصغيرة والتقليدية التي تعتبر مصدر دخل لأبناء المنطقة، تقدم بعض المشروبات والأكلات الشعبية من السمك الطازج الذي يجلبه الصيادون المحليون ويبيعونه، سواء لها أو للوحدات الفندقية المتواجدة بالمكان، إضافة إلى أطباق مغربية كالكسكس والطاجين....وتعتبر مصدر دخل لأبناء المنطقة.
وتتميز المنطقة بنوعية صخورها وتربتها وانتشار المنحوتات الصخرية الطبيعية، لكن ورغم كل ذلك، تحتاج لاستثمارات كبيرة من شأنها إعطاء دفعة قوية للسياحة الجبلية بالمنطقة، رغم أن بعض أبنائها يؤكدون على أن سر جمال المنطقة في كونها حافظت على " طبيعتها العذراء" وهو ما يهفو إليه السائح الذي يبحث عن الصفاء والهدوء، فيما البعض الآخر يعتبر وجود مشاريع من شأنها أن تغير الواقع من كساد وقلة المداخيل باستثناء فصل الصيف الذي يعرف رواجا.
والملاحظ أنه رغم انهيار جزء من قوس الكزيرة، إلا أن أنها تظل ملجأ للسياح بمختلف أعمارهم، لممارسة هوايات متعددة كالرياضات المائية المختلفة...وقضاء فترات من عطلتهم تحت أشعة الشمس، بين السماء والأرض.