نور اليقين: قضية "الرأس المسلوق" ومصادفتي لإحدى "ضحايا" الكومسير ثابت تصطاد زبائن الليل

الكاتب : الجريدة24

03 أبريل 2023 - 06:00
الخط :

نوراليقين بن سليمان،صحافي،التحق بالعمل كصحافي متدرب بجريدة البيان في صيف 1979 .خضع  داخل المغرب و خارجه لدورات تدريبة و استكمال التكوين في مجالات مهنية مختلفة ك : تقنيات التحرير و الأجناس الصحافية الكبرى ، أخلاقيات المهنة ، حرية الصحافة و إشكالية الصحافة و حقوق الانسان ،تقنيات التواصل و العمل النقابي....

ما بين 1994 و 1998 اشتغل بجريدة العلم ثم عاد ليواصل مشواره المهني بجريدة بيان اليوم.

أصدر مؤلفا يحمل إسم  " منعرجات  من ذاكرة صحافي في الطفولة و الصحافة و السياسي  قيادي سابق في النقابة  الوطنية للصحافة المغربية و مؤسس  فرعها الجهوي بالدار البيضاء نهاية ثمانينيات القرن الماضي و تولى مسؤولية أمين مال النقابة لولايتين.

ناشط في الحقل الشبابي و الطلابي والحقوقي خلال السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي.

تقاعد في عام 2014 . صحافي شرفي  و فاعل حقوقي و جمعوي حاليا.

ارتأينا ان نستضيفه في هذه الزاوية ليروي موجز تجربته في تغطية الملفات القضائية...

كيف كانت علاقتكم برجال القضاء والامن داخل المحاكم؟

سمح لنا احتكاكنا ، الشبه يومي بالمحاكم ، بالتعرف  على الكثير من موظفي سلكي القضاء و الأمن.و يمكن القول،أنه باستثناء حالات لا تشرف نفسها و لا مهنتها،و منبوذة من طرف الوسط الذي تشتغل فيه،

فقد صادفنا و تعرفنا على  قاضيات و قضاة و وكلاء للملك و وكلاء عامين للملك ،و على كتاب ضبط و رجال أمن من مختلف الدرجات ، ينتسبون للطينة التي  يحتاجها الوطن و المهنة ويفتخر بها المغاربة.

و وجدنا في هذه الكفاءات حب المهنة و الميل للعدل ولاحترام القانون و الحرص على تطوير حمولتهم القانونية و المعرفية باستمرار.

في هذا السياق، يحضرني حارس أمن  كان يقطن  بمدينة برشيد،جمع بين الطيبوبة و حب مهنته.

كنا نسميه بالمثقف، لأنه كان كثير الاطلاع و القراءة و حريصا على متابعة المستجدات .

و نظرا لمستواه الذي لمسه محامون و صحافيون،فقد كان محط تقدير و احترام متميزين .

فيما بعد علمت أنه ترقى في عمله و انتقل لمدينة في جنوب المملكة، و لما علم بصدور مؤلفي  بحث عن  رقم هاتفي و حرص على تهنئتي.

بدورهم،إن جل  القضاة ورجال الأمن و أطر الضابطة القضائية،الذين تعرفنا عليهم  عن قرب على مدى أزيد من عقد من الزمن، ظلوا في نفس المنصب أو الدرجة،لكن من بعد تمت ترقيتهم و منهم من أسندت لهم مسؤوليات حساسة.

لم تكن تجربة عملي سهلة،سيما في البداية، بفعل صعوبة الحصول على المعلومة أحيانا،  خصوصا عندما يضرب الحصار على ملف من الملفات.

لكن مع الوقت ،و بفعل الثقة التي اكتسبناها كمجموعة مهتمة بالشأن القضائي،استطعنا تكسير حواجز التحفظ و التكتم،و أصبحنا نصل إلى المعلومة عبر القنوات المشروعة ، وعن طريق مصادر أخبارنا التي سبق أن ذكرتها.

هذه المصادر كانت تشتكي ،في تلك الحقبة،من أشباه صحافيين و بعض المراسلين، و تلوم بعضهم بسبب تحريف المعطيات أو نقل الوقائع بشكل مغلوط إضافة إلى سلوكهم الشخصي.

هذه المؤاخذات لهذه الكائنات، التي عايشناها فعلا، تعود إلى ضعف التكوين من جهة، و إلى الفوضى التي يشهدها واقع حال الصحافة من جهة أخرى...

و الشيء بالشيء يذكر، فقد كان بعض الأشخاص يوهمون متقاضين بأنهم صحافيون، بل ينتحلون أسماء بعض الزملاء المعروفين، وذلك لحاجة في نفس يعقوب...

أشرت إلى بعض التحف و الدرر التي صادفناها في تجربتنا، سواء وسط العاملين في سلك القضاء أو بمرفق الأمن،

ما هي اهم المرافعات التي حضرتها داخل المحكمة؟

أما بالنسبة للمحامين فقد كان لنا شرف متابعة مرافعات مطولة لمحامين كبار ،كانت على شكل محاضرات و دروس في القانون و علم الجريمة.

أحيانا كانت تدوم مرافعة واحدة أزيد من خمس ساعات.حصل هذا في عدة ملفات كبرى ،سيما تلك التي تتعلق بالاتجار في المخدرات أو القتل و التزوير.

هنا أتذكر مرافعة الأستاذ محمد الناصري ،وزير عدل  سابق ، حيث كان يؤازر مسؤولا جمركيا معروفا،وكانت تجمع المتهم و المحامي علاقة الشباب والانتماء لدرب السلطان بالبيضاء.

لقد أقنعت مرافعة المحامي التي استغرقت أزيد من  خمس ساعات المحكمة بأن تصدر حكما بالبراءة لفائدة الشك.

نفس الحكم انتزعه الأستاذ الطيب عمر عبر مرافعة قيمة، دامت ساعات، لفائدة متهم بقتل والده بعد أن سلقه،و هي القضية التي عرفت بالرأس المسلوق.

و يذكر أن المتهم  صرح أنه تعرض لتعذيب قاس،و لأنه لم يعترف صراحة بالمنسوب إليه  فقد توبع على أساس قرائن و شهود ،وأفلح المحامي في خلخلتها و دحضها....

أستحضر في هذا السياق أيضا مرافعة الأستاذ عفريت بناني الشهيرة،التي دامت حوالي تسع ساعات أثناء دفاعه على الكومسير ثابت.

و قبل ذلك ،في نفس الملف،ظل الأستاذ الرياحي، نائب الوكيل العام آنذاك، يترافع ساعات ،مستعرضا  الوقائع وملتمسات النيابة العامة.في ملف الكوميسير الحاج  ثابت و من معه، الذي تكلفت بتغطيته رفقة زميلي رمز عبد الحميد رحمة الله عليه،

تحطمت فيه  أرقام الجلسات الماراطونية.لقد تزامنت المحاكمة مع شهر رمضان،و كانت الجلسة تنطلق حوالي العاشرة صباحا و تتوقف قبل الفطور،لتستأنف بعد صلاة العشاء و تستمر أحيانا إلى حوالي الثالثة صباحا.

بعد انتهاء المحاكمة،التي سال مداد كثير حول أطوارها،فكرت في إجراء مقابلة مع أفراد أسرة ثابت.

هذه المقابلة التي نقلتها عدة مجلات عربية، نقلا عن البيان،لم ترق أوساطا أمنية عليا،و قدم لي علي يعته ملاحظة في الموضوع.

أشير، أنه عندما أنهيت المقابلة مع أسرة ثابت ،القاطنة  بدرب غلف بالدارالبيضاء، غادرت منزلها حوالي منتصف الليل،و لدى وصولي  إلى الملتقى المعروف ب" لاروتاند " أو "سبع شوانط" وجدت إحدى "ضحايا" ثابت تصطاد زبائن الليل...

آخر الأخبار