عندما يكذب النظام الجزائر نفسه بنفسه لمداراة صراعات الـ"كابرانات" في الثكنة الكبيرة

هشام رماح
مثل جبل الجليد العائم، فإن ما يظهر من الخلافات المستشرية بين أجنحة النظام العسكري الجزائري، وكشفتها مؤخرا المناورة ضد دولة الإمارات العربية الشقيقة، أقل مما خفي أو بطن، وذلك بعد ذيوع خبر إنذار السفير الإماراتي بمغادرة الجزائر في غضون 48 ساعة، موهما الجميع أن في الأمر مغالطة أو "فلتة" اتصال ليس إلا.
وكما حاول "عبد المجيد تبون" الرئيس الصوري للـ"كابرانات" ذر الرماد في العيون والتضحية بـ"محمد بوسليماني" وزير الاتصال الجزائري، على خلفية ما حدث، انكشفت ازدواجية المواقف "العسكرية" وظهر بالفعل أن الإنذار تم توثيقه عبر مراسلة مذيلة من طرف "أحمد عطاف" وزير خارجية النظام المارق.
وتعود الواقعة إلى مستهل الأسبوع الجاري، حين بادرت قناة "النهار" وبعض أبواق العسكر إلى تعميم خبر مفاده أن وزارة الخارجية الجزائرية أنذرت السفير الإماراتي من أجل مغادرة البلاد في أجل أقصاه 48 ساعة، بعد القبض على أربعة جواسيس إماراتيين على علاقة بجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، وهو الخبر الذي سرعان ما جرى سحبه، قبل أن يبادر "عبد المجيد تبون" إلى صرف وزير الاتصال من الخدمة نظير ما حدث.
وإذ حاول الرئيس الصوري، مداراة ما يجري في صحن الثكنة العسكرية، ونشر تفنيد للخبر ثم الانقلاب على البوق "النهار" ومحاصرة مقره ثم اعتقال "سعاد عزوز" بجريرة تسريبها خبر طرد سفير الإمارات العربية المتحدة في الجزائر، وإجراء آخر الترتيبات لغلق القناة، ظهر أن النظام الجزائري بالفعل أصدر إنذارا بالطرد في حق الدبلوماسي الشقيق "يوسف سباع آل علي".
وعطفا على ذلك، نشرت الزميلة "برلمان كوم" مراسلة "أحمد عطاف" التي وجهها للسفير الإماراتي بالجزائر، وهي الوثيقة المسجلة تحت الرقم 258/و/ 2023 والصادرة بتاريخ 5 يونيو 2023، فيما يشير مضمونها إلى أن القرار "يأتي بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس من جنسية إماراتية يعملون لصالح الموساد- جهاز مخابرات سلطات الاحتلال الغاشمة الإسرائيلية محاولين نقل معلومات وأسرار عن الدولة الجزائرية".
وقبل أن يذيل "أحمد عطاف" وزير الخارجية الجزائري مراسلته أشار إلى "وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج تأسف عن هذه التصرفات والمخططات الدنيئة التي تستهدف الجزائر"، غير أنه وبعد نشر أبواق العسكر لهذا النبأ، ثارت حفيظة النظام العسكري لتبادر وزارة الخارجية إلى تكذيب نفسها بنفسها ومحاولة تفنيد خبر المراسلة، بما يحيل على اللخبطة التي تعتري نظام مارق تتصارع فيه الـ"كابرانات".
وبدا جليا عدم تناغم الـ"كابرانات" فيما بينهم، إذ كل يغني على ليلاه في نظام قائم على الخديعة، ومثلما يحكمون قبضاتهم على مؤسسات الدولة فإن من يقترب منهم مثل "محمد بوسليماني" وزير الاتصال الذي وجد نفسه خارج اللعبة، سرعان ما يتحول إلى كبش للفداء بقرار من الرئيس الصوري الذي ينفذ ما يؤمر به فقط في الثكنة الكبيرة.