"Le Point": هكذا سقط "إيمانويل ماكرون" في الفخ المغربي

هشام رماح
حينما قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إن "المغرب لا يضحّي بمصالحه من أجل مبادئه ولا بمبادئه من أجل مصالحه" فقد عنى جيدا أن المملكة الشريفة قد استأنفت علاقاتها الشاملة مع إسرائيل ولكن ذلك لا يعني أنها ضحت بدعمها للقضية الفلسطينية، وكل هذا من أجل دولتين تعيشان في ظروف جيدة.
ما سبق، كان محور العمود الذي خطته أنامل الطاهر بن جلون، الكاتب المغربي- الفرنسي، على مجلة "Le Point" الفرنسية، وهو يفصل في الوضع الحالي الذي يرزح تحت "إيمانويل ماكرون"، الرئيس الفرنسي، وهو يجد نفسه مضغوطا للاعتراف بمغربية الصحراء حتى يحذو حذو الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإسبانيا وألمانيا وهولندا والنمسا وسويسرا، وملزما بـ"الحذر" من نظام عسكري قائم في "الحديقة الخلفية" لفرنسا في إفريقيا، والتي تربطها معها علاقات سيئة حاليا.
وفي مقال له على المجلة الفرنسية أحال الطاهر بن جلون، تحت عنوان "الصحراء.. ماكرون في الفخ المغربي" الرسالة المؤرخة في 17 يوليوز 2023، التي تلقاها الملك محمد السادس والتي يعترف من خلالها "بنيامين نتانياهو" رئيس الوزراء الإسرائيلي بسيادة المملكة الشريفة على صحرائها، وقد شدد الكاتب المغربي- الفرنسي على أن قضية الصحراء تعد قضية وطنية مقدسة في المغرب، وهي مبدأ السلامة الإقليمية، مضيفاً أن الصراع حولها استمر منذ عام 1975 حول ما تسبب في تدهور العلاقات بين الجارين المغرب والجزائر.
وإذ أكد الطاهر بن جلون، على أن النظام العسكري الجزائري يبحث من وراء احتضان "بوليساريو" عن منفذ له يفضي به نحو المحيط الأطلسي، فقد تسبب في نشوب حرب باردة بين البلدين وصلت إلى حد إغلاق الحدود وقطع العلاقات الدبلوماسية وحظر الجزائر تحليق الطيران المغربي في مجالها الجوي، وكل ذلك مصحوب بمضايقات إعلامية دائمة.
وأورد المقال المنشور على مجلة "Le Point" أن الملك محمد السادس، لطالما اعتمد سياسة "اليد الممدودة" مع الجزائر، محيلا على أنه سبق وألقى خطابين على الأقل مد فيهما يده إلى الجار الجزائري، مثل خطاب المسيرة الخضراء في 2018 وخطاب عيد العرش في 2020، وقد دعا إلى فتح الحدود وقبول التعاون السياسي والثقافي لما فيه خير الشعبين، فماذا كان؟ لقد جاء الرد الرسمي الجزائري رفضًا باتا بل وأبدى النظام العسكري الجزائري استعدادًا لشن حرب محتملة.
في المقابل، أكد الطاهر بن جلون، على أن اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وقرارها أن تكون لها قنصلية بالداخلة، يعد انتصاراً للدبلوماسية المغربية التي استطاعت أن تحظى بدعم العديد من الدول الأوروبية والأفريقية والعربية، واتخذ هذا الدعم شكل افتتاح 28 قنصلية في المدينة الكائنة بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
واستنادا إلى الطاهر بنجلون، فإن ظل الجزائر لا يزال يخيم على فرنسا التي تجد نفسها مضغوطة خاصة بالخطوة الإسبانية التي اعتبرت المقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي المبادرة الجيدة والأكثر جدية وواقعية ومصداقية لحل الخلاف حول الصحراء، وهو موقف تم تبنيه من قبل ألمانيا وهولندا والنمسا وسويسرا، فيما فرنسا تحجم عن ذلك بسبب علاقاتها المعقدة مع الجزائر التي تمتلك أكبر جالية مهاجرة على الأراضي الفرنسية.
وفيما ثمن اليمين الجمهوري الفرنسي، الخطوة الإسرائيلية وهنأ المغرب على هذا النجاح ودعا "إيمانويل ماكرون" إلى "الاعتراف بمغربية الصحراء" فإن الرئيس الفرنسي يعتقد أنه سينجح في تنظيف العلاقات مع الجزائر، رغم السوء الذي يطبع العلاقات بين البدين حاليا، على خلفية إعادة الجزائر لمقطع مناهض لفرنسا كان قد تم حذفه من نشيدها الوطني، فضلا عن تفضيل "عبد المجيد تبون" الرئيس الجزائري لروسيا على فرنسا، بسبب ما تنفحه من أسلحة.
وخلص الطاهر بن جلون، إلى أن واقع الحال يفيد بأن كل شيء جاهز لفرنسا حتى تعيد حساباتها في موقفها في المنطقة المغاربية والتوقف عن الاعتقاد بأن الجزائر ستمحو الخلافات من الذاكرة المشتركة التي شوهتها الحرب، مردفا بأن حتى إيطاليا التي لها مصالح مهمة مع الجزائر بسبب الغاز والنفط، سبق وعبر وزير خارجيتها يوم السادس من يوليوز الجاري، عن إشادته بما وصفها رسميا بـ"الجهود الجادة وذات المصداقية" التي تبدلها المملكة المغربية بشأن النزاع المفتعل حول الصحراء، وفق ما أكده قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654.
ووفق الكاتب المغربي الفرنسي فإن حقيقة استئناف المغرب لعلاقاته الشاملة مع إسرائيل لا تعني أنه ضحى بدعمه للقضية الفلسطينية، من أجل دولتين تعيشان في ظروف جيدة، وهو ما يؤكد تصريح ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الذي ساقه الطاهر بن جلون، حين قال "المغرب لا يضحّي بمصالحه من أجل مبادئه ولا بمبادئه من أجل مصالحه".