أطفال قتلة..قتلت والدها بسبب "الشات"

الكاتب : الجريدة24

29 يوليو 2023 - 11:30
الخط :

أطفال قتلة..قتلت والدها بسبب "الشات"

 

فاس: رضا حمد الله

على سرير وضيع بغرفة ضيقة، استرخت حالمة لنوم جفل من جفونها. كانت دائما شاردة مهمومة. تضع يديها تحت رأسها وتخفي وجهها بمنديل رأسها. تغمض عينيها لتسرح بعيدا. لا واحدة من نزيلات الغرفة، اهتدى لما يشغل بالها ويجعلها خارج "التغطية" باستمرار ومنذ أودعت. لم تكن تكلم ولا واحدة منهن وتتحاشى الاختلاط بهن حتى في الاستراحة.

مر أسبوع على دخولها هذه الغرفة المظلمة التي لا تدخلها إلا المذنبات أي كان ذنبهن. كل من هناك، كن تتساءلن عمن جاء بها إلى هناك وأي ذنب ارتكبته حتى تعاقب بالإيداع، رغم أنها ما تزال يافعة لم تكمل ربيعها السابع عشر، مكانها بالمدرسة وليس بزنزانة باردة برودة أيام نساء محشورات فيها، عقابا على ما ارتكبنه من جرائم متفاوتة الخطورة.

إحداهن كبيرة سنا، تجرأت عليها مرات، لتعرف سبب اعتقالها وإيداعه. كل محاولاتها باءت بالفشل. مع مرور الوقت، استطاعت تكسب ثقتها، لتنتزع منها اعترافا بما ارتكبت وتستحق عنه عقابا لم يتحدد بعد في انتظار المحاكمة.

+ قتله وما كنت أقصد ذلك.

جواب لم تفهمه السجينة، لتسألها من جديد، عمن قتلت. جوابها صدمها ومن سمعه. لقد قتلت والدها في لحظة غضب لم تستطع معها التحكم في أعصابها الفائرة، بسبب إلحاحه عليها لترك الهاتف ومساعدة أمها في إعداد وجبة سحورهم.

كان الأب ممددا فوق الأريكة بغرفة، وهي قبالته ماسكة هاتفها الخلوي. أما الأم فكانت منشغلة في المطبخ، بإعداد وجبة سحور الأسرة ذات رمضان. الانشغال المستمر للطفلة بالهاتف، لم يكن يرضي الأب، رغم حبه الشديد لها.

نهاها مرارا عن ذلك، محاولا نصحها بتحديد وقت محدد للهاتف، والباقي في دراستها ومساعدة أمها في أشغال البيت. لكنها لم تكن تكترث لكلامه، ما يزيد من غضبه، لحد تعنيفها لفظيا بكلمات تنحفر في ذاكرتها وتؤلم قلبها.

كان الأب يخاف على ابنته الوحيدة، من متصيدي الفرص في دردشات افتراضية غير بريئة. لذلك كان يحاول أن ينهاها عما لم تتقبله واعتبرته تدخلا في حياتها الشخصية.

في تلك الليلة طلب منها ترك الهاتف والتوجه للمطبخ لمساعدة أمها، وكعادتها لم تكترث، فكرر الطلب مرات.

نهرها في آخر مرة يطلب منها ذلك، فحركت كتفها بما يوحي عدم اكتراثها، ونظرت إليه نظرة استفزته.

نهض من مكانه وتوجه إليها وصفعها وجرها إليه محاولا إدخالها المطبخ بالقوة. وتمكن من ذلك. تظاهرت بمساعدة أمها ومرت دقائق، وفي غفلة منها أمسكت سكينا أخفته في جيب الستار الحامي للباسها من التبلل. فعلت ذلك وتناولت صحنا به ما أعدت الأم، وتوجهت إلى الغرفة حيث يوجد الأب في الانتظار.

وضعت الصحن فوق الطاولة قربه، وأخرجت السكين وهاجمته دون أن تترك له فرصة الدفاع عن نفسه. بدت كما لو كانت وحشا مفترسا وهي الطفلة البريئة الخجولة.

ضربته ضربة قوية في صدره جهة القلب، ولم تستفق من هيجانها المخفي بابتسامة ماكرة، إلا بعدما صرخ الأب وسقط وهو يصيح:

+ قتلتني

كررها مرات وهو يمسك بيده اليمنى في مكان الجرح.

صراخه سمعته الزوجة وحضرت مهرولة. لطمت وجهها وهي تعاين زوجها على تلك الحالة، يبكي ويتألم ويصيح. حاولت مساعدته دون جدوى، فيما الطفلة فرت إلى غرفة وأحكمت إغلاق الباب.

علت طلبات النجدة في تلك الليلة الحالكة، وتجمع الجيران في وقت كان الأب في غيبوبة. أحدهم اتصل برئيس الجماعة طلبا لسيارة إسعاف تنقله إلى المستشفى البعيد عن القرية بأكثر من 80 كلم. وآخرون انكبوا على محاولة إقناع الطفلة بالخروج، خوفا من انتحارها. طالت المفاوضات، ولم يكن من حل غير كسر الباب.

نقل الأب إلى المستشفى الإقليمي، ومات في مصلحة المستعجلات، وأوقفت الطفلة من طرف عناصر الدرك. وحقق معها وأحيلت على الوكيل العام الذي تابعها بالضرب والجرح بالسلاح المؤدي إلى الموت دون نية إحداثه. وطالما أن عمرها يتجاوز 16 سنة، فقد أمر بإيداعه السجن حيث توجد مهمومة باكية مصدومة من هول ما ارتكبت ولم تتوقع.        

آخر الأخبار