"نيكي ميناج" و"صوت المغرب".. والردة السافرة لصحافة الانحياز لأجل الإثارة

سمير الحيفوفي
الأكاذيب تقتل الثقة.. فكيف إن جرى تزويق هذه الأكاذيب وتنميقها بشكل ينم عن إصرارا على تصريف الكذب، مثلما جاء في "خبر" موضوع نشرته "الزميلة" "صوت المغرب"، بشأن إلغاء حفل "نيكي ميناج" مغنية الراب الأمريكية في مهرجان "موازين"، بعد دخولها في مشاكل مع الشرطة الهولندية.
في التفاصيل، أن حفلا للمغنية الشهيرة، ألغي في مدينة "مانشستر" أول أمس السبت، 25 ماي 2024، بسبب احتجازها من طرف السلطات الهولندية لشبهة حيازتها المخدرات، قبل أن يفرج عنها، لكن الأكيد أن حفل "نيكي ميناج"، لا يزال موعودا في مهرجان "موازين"، وتذاكر حضور حفلها لا تزال معروضة في منصة البيع المخصصة لذلك.
وبالخبر الذي نشرته "صوت المغرب" مقرونا بـ"أفيش" حول هذه الواقعة، فإنها أوهمت الناس عمدا أن حفل "نيكي ميناج"، بـ"موازين" قد ألغي بسبب تداعيات ما حدث لها في هولندا، والحال أن لا شيء من ذلك حدث بالمرة، ليتبدى أن من كتب ليس غير حاطب ليل، يهيم على وجهه ليلا ليحتطب لكن قدره أن تقع يده على أفعى بدل أن تقع على عود ينشده، حتى يستدفيء.
لكن ماذا دهى القائمين على "صوت المغرب" لافتراء كذبة إلغاء حفل المغنية الأمريكية في "موازين"؟ هل بلغ بهم عدم التحقق من الأخبار والتدقيق فيها مبلغا من الإهمال ليتسابقوا إلى إعلان إلغاء الحفل، أم في ذلك ما ينم عن إصرار مكين لبث الأكاذيب، وإثارة القلقلة؟ الجواب. يبزغ من بين ثنايا الـ"أفيش" التي صممها الموقع الجديد، والذي يحيل على خلاف حقيقة ما وقع والذي سبقت الإشارة إليه.
ولربما هو عودة جديدة لاعتناق صحافة الإثارة من القائمين على "صوت المغرب" وللمقولة الرائجة "صاحت الملكة الأميرة حامل من الذي فعلها"، التي درسوها وقدموا بشأنها دروسا بمناسبة ودونها، داعين لتجاوز صحافة القشور والاهتمام بصحافة الجوهر، وتجمل الإخبار والإفهام بشكل يفضي لتكوين رأي عام سليم في مناخ سليم.
وكما أنه ليست هناك ملكة بالمعنى إلا بالمعنى المجازي ولا هناك أميرة حامل ولا يحزنون، إلا أن ما يمزق نياط القلب، أن تكون الردة إلى صحافة الانحياز لأجل خلق الإثارة، سافرة إلى هذا الحد، ويسقط معتنقو التقية في المحظور، بذكر الشيء وإتيان نقيضه، وكأن بهم يعتقدون في مقولة "على الأنترنت لن يعرف أحد أنك كلب" (On the Internet, nobody knows you're a dog).
إن حفل "نيكي ميناج"، لا يزال قائما، وتذاكر الحفل، الذي من المقرر إقامته يوم الجمعة 28 يونيو 2024، لا تزال معروضة للبيع، وقبل كل هذا قضيتها مع السلطات الهولندية أغلقت بالمرة، وما ألغي هو حفل "مانشستر" في المملكة المتحدة، لكن أن تتم الإحاطة بهذا الخبر بشكل مريب، كان حريا الصمت.. فالصمت قد يثير الشك، لكنه أفضل من الكذب قطعا.