صبري: خطاب العرش يمهد لحلول مبتكرة لأزمة الماء ويجدد التزام المغرب الراسخ بالقضية الفلسطينية

في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتوليه العرش، قدم الملك محمد السادس رؤية شاملة للتحديات والإنجازات التي حققها المغرب خلال السنوات الماضية.
وتناول الملك قضايا حيوية مثل الماء والتنمية الاقتصادية، وسلط الضوء على أهمية الوحدة الوطنية ومكانة القضية الفلسطينية داخل المملكة.
وقدم المحلل السياسي وأستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد النبي صبري، في حديثه "للجريدة 24"، تحليلًا معمقًا لهذا الخطاب، مؤكداً أن الملك وضع خريطة طريق واضحة لمواجهة التحديات المستقبلية.
وقال صبري، أن جلالة الملك ركز على إشكالية الماء باعتبارها قضية محورية تستدعي حلولًا مبتكرة وحكامة رشيدة لضمان توافر المياه لجميع المواطنين، خصوصًا في المناطق القروية.
وأضاف أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الملك في خطابه إلى تأخر إنجاز بعض المشاريع والأوراش، ودعا إلى إخراجها في أقرب الآجال مع التركيز على الحكامة في التدبير والبحث عن حلول مبتكرة لتجنب نقص المياه، لا سيما في المناطق القروية.
ومن بين المبادرات الملكية، مشروع الطريق السيار للماء الذي يربط سبو بواد أبي رقراق، والذي يهدف إلى توفير مليار متر مكعب من المياه التي كانت تضيع في البحر، فيما محطات تحلية مياه البحر ستوفر مليار و700 مليون متر مكعب، حسب تحليل أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد النبي صبري.
من بين الحلول الاستراتيجية التي أشار إليها الملك، حسب صبري، مشروع ربط الأحواض المائية وتحلية مياه البحر، حيث تم إطلاق مشروع تحلية مياه البحر في الدار البيضاء، الأكبر في إفريقيا، والذي سيعمل بالطاقة النظيفة.
وأضاف المتحدث ذاته، أن هذه المشاريع ستساهم في تحقيق توازن مجالي للموارد المائية وتلبية احتياجات المواطنين من الماء الصالح للشرب والري بحلول عام 2030.
أشار الملك إلى تأخر إنجاز بعض المشاريع ودعا إلى تنفيذها في أقرب وقت ممكن، مع التركيز على البحث عن حلول مبتكرة لتجنب نقص المياه، خاصة في المناطق القروية.
الرسالة الملكية في شق الماء، وفقًا لعبد النبي صبري، تؤكد أيضا أن المغرب يسعى لتعزيز سيادته الوطنية في مجال المياه، مشيرًا إلى تحول البلاد نحو تطوير صناعة جديدة تُعنى بالماء.
مضيفا في تحليله أنه تم إطلاق برامج بحث علمي مكثفة لدراسة وتطوير هذه المشاريع، مع التركيز على تكوين المهندسين والتقنيين، وتشجيع إنشاء مقاولات مغربية مختصة في إنجاز وصيانة محطات تحلية المياه.
وتابع المحلل السياسي، أن الملك أكد أيضًا على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة الخارجية المغربية، داعيًا إلى السلام والاستقرار في فلسطين واعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وحدد صاحب الجلالة، حسب عبد النبي صبري، ثلاث خطوات رئيسية لحل الأزمة الراهنة بشكل جذري: الخطوة الأولى، وهي الأهم، تتمثل في وقف الحرب. هذا الأمر يُعتبر أولوية قصوى ولكنه يتطلب أن يتم بالتوازي مع فتح آفاق سياسية لتحقيق سلام عادل ودائم، غير مرتبط بأجندات محددة أو مصالح ضيقة. السلام ليس مجرد وقف لإطلاق النار، بل هو عملية مستمرة لبناء الثقة والتفاهم بين الأطراف المعنية.
أما الخطوة الثانية، حسب المتحدث ذاته، تتعلق باعتماد المفاوضات كوسيلة راقية لمعالجة الأزمات، حيث يجب أن تكون هذه المفاوضات نزيهة وتتم بحسن نية، مع الحرص على قطع الطريق أمام المتطرفين من أي جهة كانت، ؛المفاوضات الفعالة تتطلب من الجميع تقديم تنازلات من أجل الوصول إلى حلول مستدامة.
فيما أبرز المتحدث ذاته، في تحليله أن النقطة الثالثة، وهي في غاية الأهمية لتحقيق الاستقرار، هي الحل الدولتين، بكون أن المغرب لطالما أكد على هذا الأمر، خاصة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني.
مشيرا إلى أنه خلال لقاء للجامعة العربية في مدينة الدار البيضاء، وقف الملك الراحل في وجه زعيم عربي اقترح مقترحاً لا يؤدي إلى حل الدولتين، مؤكداً أن هذا السلوك غير مقبول ولا يمكن أن يكون في أرض المملكة المغربية.
وشدد ذات المتحدث في تحليله للخطاب الملكي، أن معالجة القضية الفلسطينية من جذورها نتطلب خطوات جريئة وواقعية مثل تلك التي حددها صاحب الجلالة، مع الإصرار على مبادئ السلام والعدالة والتفاوض النزيه.
وأوضح صبري أن جلالة الملك محمد السادس ينهج دبلوماسية الأفعال، عبر إيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، مع إتباع نهج والده الراحل الحسن الثاني في الثبات على المبادئ والقيم، معتبراً دبلوماسية الوضوح والطموح أساسًا لتحقيق هذه الرؤية.
والخطاب الملكي بخلاصة حسب عبد النبي صبري، يمثل رؤية متكاملة تشمل التنمية المستدامة والدفاع عن القضية الفلسطينية، مما يعزز مكانة المغرب على الساحة الدولية ويحقق تطلعات المواطنين نحو مستقبل أكثر إشراقاً واستقراراً.