أحمد نور الدين: فرنسا وجهت الضربة القاضية لمشروع الجزائر الانفصالي

نزل خبر اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، كالصاعقة على رؤوس النظام العسكري الجزائري.
وقلب هذا التطور الطاولة على "الكابرانات"، وكشف عن مدى هشاشة خططهم أمام الواقع الجديد الذي فرضته فرنسا تحت رئاسة إيمانويل ماكرون، البلد الذي أسس الجزائر من العدم.
وأثبتت الرباط بجدارة قدرتها على حماية مصالحها الوطنية، في حين وجدت الجزائر نفسها في موقف لا تُحسد عليه، مع انهيار مشروعها الانفصالي أمام رزانة وقوة الدبلوماسية المغربية.
وفي هذا الصدد، قال أحمد نور الدين، خبير في العلاقات الدولية، في تعليق توصلت به "الجريدة 24"، إن الخارجية الفرنسية لم ترد على بيان الخارجية الجزائرية لأنه في مثل هذه الحالات معروف أن الإعلان عن موقف رسمي من قضايا أساسية يخضع لبروتوكول متفق عليه بين الطرفين أو الأطراف المعنية، أي بين باريس والرباط في حالتنا هذه، ويتم الاتفاق حول التوقيت ومن يعلن وماذا يعلن.
وأكد نور الدين أن باريس تريد أن يكون إعلان موقفها متزامنًا مع عيد العرش في ذكراه الـ25 عامًا، ولعل الجزائر خمنت ذلك، فسعت إلى إفساد الهدية الفرنسية ورمزية توقيت عيد العرش.
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية أن فرنسا فطنت لمحاولة الجزائر إفساد الترتيبات الدبلوماسية مع المغرب حول الإعلان عن اعترافها بسيادة المملكة على الساقية الحمراء ووادي الذهب، لذلك فضلت الخارجية الفرنسية "الكي دورسي" الصمت وعدم الرد على بيان الخارجية الجزائرية.
وأوضح نور الدين أن من واجب أي دبلوماسية في العالم أن ترد على كل هجوم يمس بلدها، فكيف إذا كان التدخل الجزائري في السياسة الخارجية الفرنسية، وهو شأن سيادي بامتياز.
وأبرز أن قيام فرنسا بإخبار الجزائر بموقفها قبل الإعلان عنه رسميًا له سببان: الأول هو الالتزام بالأعراف الدبلوماسية للدول العريقة، حين تريد اتخاذ موقف حاسم أو تغيير موقفها من قضية أساسية، فإنها تعلم الجهات المعنية قبل الإعلان الرسمي.
أما السبب الثاني، حسب المتحدث ذاته، فهو من باب السياسة النفعية، إذ تسعى فرنسا للحفاظ على نصيبها من الغاز الجزائري ومن الصفقات الأخرى التي حازت عليها شركاتها في الجزائر، وتجنب رد فعل جزائري متطرف كما حدث مع إسبانيا، لذا قامت بخطوة استباقية وأبلغت حكام الجزائر بالخطوط العامة دون تفاصيل.
وأشار نور الدين إلى أن رد الفعل الجزائري يوم 25 يوليو كان غير احترافي وغير مهني، مما يعبر عن مستوى متدنٍ ومستوى الهواة في الدبلوماسية، حيث جرى إصدار بيان رسمي للرد على موقف لم تعلن عنه فرنسا بعد يعد تصرفًا غير مدروس، مما جعل الدبلوماسية الجزائرية أضحوكة في الأوساط الدبلوماسية العالمية، مع تأكيد ما لمح إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن الجزائر "بلد بلا وزن".
وتابع أحمد نور الدين أن المغاربة يتفهمون الأمر جيدًا، لأن الصدمة كانت قوية، وعلى قدر الصدمة كان رد الفعل عنيفًا لدى النظام العسكري الجزائري.
وأشار إلى أن إعلان باريس يعتبر بمثابة رصاصة الرحمة على مشروع الانفصال الذي ترعاه الجزائر، مؤكداً أن المغرب حسم قضية الصحراء، بعد الاعتراف الأمريكي في 2020، ومراجعة الموقف الإسباني في 2021، وجاءت الخاتمة من فرنسا في 2024 كهدية للمغرب في الذكرى الفضية لعيد العرش وما تحمله من رمزية.