استثمارات تتجاوز التوقعات.. كيف يستغل المغرب الفرص الكبرى لتحفيز اقتصاده؟

في خطوة قد تغيّر ملامح الاقتصاد المغربي وتضع البلاد على خريطة الاستثمارات العالمية، سجل المغرب حجمًا قياسيًا للاستثمارات العمومية خلال العام الماضي، تجاوز كل التوقعات ووصل إلى 300 مليار درهم، فاقت 22.4 في المائة مقارنة بسنة 2022.
هذه القفزة غير المسبوقة ليست مجرد أرقام، بل هي إشارات إلى تحوّل استراتيجي كبير في مشاريع البنية التحتية، مدعومًا بتظاهرات رياضية كبرى مثل كأس العالم وكأس أمم إفريقيا، مما يثير فضول الجميع حول ما ينتظر البلاد من تطورات مثيرة في المستقبل القريب.
وأشار مجلس المنافسة في تقريره السنوي لعام 2023، إلى أن هذه الاستثمارات تأتي ضمن رؤية استراتيجية لزيادة حصة الاستثمار الخاص بمقدار ثلثي الاستثمار الإجمالي بحلول عام 2035.
وقد شهدت الاستثمارات الداخلية والأجنبية حيوية متزايدة خلال 2023، لتعويض العجز المسجل في العام السابق والمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة.
كما أكد التقرير على أهمية تعزيز استثمارات القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الرؤية الاستراتيجية للمملكة تهدف إلى مضاعفة حصة الاستثمار الخاص، وهو ما يتطلب تعزيز الاستثمارات القائمة على رؤوس الأموال الخاصة، سواء الوطنية أو الأجنبية.
وسجل التقرير أيضًا تحسنًا في الاستثمار الداخلي خلال 2023، حيث بلغ مجموع الاستثمارات 367 مليار درهم، بزيادة قدرها 1.3% مقارنة بعام 2022.
على الرغم من هذه الديناميكية، يواجه الاستثمار الخاص تحديات كبيرة، أبرزها صعوبة الوصول إلى التمويل والعقارات.
ومن أجل مواجهة هذه التحديات، أشار التقرير إلى أن الميثاق الجديد للاستثمار يتضمن إجراءات لمعالجة هذه الاختلالات، بما في ذلك تسهيل وصول المقاولات الصغيرة والمتوسطة إلى التحفيزات وتوفير العقارات اللازمة للمشاريع الاستثمارية.
كما أشار التقرير إلى أن تحسين مناخ الأعمال يعد جزءًا أساسيًا من هذه الرؤية، مع التركيز على تبسيط الإجراءات الإدارية والإصلاحات التي تشمل المراكز الجهوية للاستثمار.
هذه الخطوات تهدف إلى تيسير الإجراءات أمام المستثمرين وتعزيز الثقة في البيئة الاقتصادية للمملكة.
وتأتي هذه التطورات في سياق الإصلاحات العميقة التي شهدتها المؤسسات والمقاولات العمومية بناءً على التوجيهات الملكية الصادرة في أكتوبر 2018.
ومن أبرز هذه الإصلاحات إنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار، الذي من المتوقع أن يستثمر 120 مليار درهم خلال الفترة من 2023 إلى 2025 في مشاريع إنتاجية ومستدامة.
من جانب آخر، أظهرت مذكرات اقتصادية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط توقعات إيجابية حول قطاع البناء، حيث من المتوقع أن يشهد هذا القطاع انتعاشًا خلال الفصل الثالث من 2024.
ويعود هذا التحسن بشكل رئيسي إلى أنشطة تشييد المباني، وقطاعات الهندسة المدنية والبناء المتخصصة، مع توقع زيادة في عدد العاملين في هذا القطاع خلال الأشهر المقبلة.
من جانبه، سجل قطاع الإسمنت نموًا ملموسًا حتى نهاية شهر غشت 2024، حيث بلغت الكميات المسلمة 8.730.295 طن، بزيادة 7.24% مقارنةً بنفس الفترة من عام 2023.
و سجل مجموع كميات الإسمنت المسلمة بمختلف القطاعات إلى متم شهر غشت من سنة 2024 المعدلات التالية : قطاع البنية التحتية (%31,45+)، قطاع الخرسانة الجاهزة للاستخدام (%18,74+)، قطاع الخرسانة المعدة مسبقا (%7,27+)، قطاع التوزيع (%1,66+) و قطاع البناء (%9,01-).
في ظل هذه الديناميكية المتصاعدة، تتجه الأنظار إلى قدرة المغرب على استثمار هذه الفرص الاقتصادية وتوجيه الاستثمارات نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخلق مزيد من فرص العمل، مع التركيز على ضمان تكامل البنية التحتية الوطنية مع سلاسل القيمة العالمية.