بايتاس يرد على الانتقادات: محاربة الفساد مسؤولية الجميع وليست جهة واحدة

في خطوة جديدة ضمن مسلسل مكافحة الفساد في البلاد، ردت الحكومة، اليوم الخميس على تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والذي وجه انتقادات صريحة لضعف تفاعل الحكومة مع توصياتها.
وأكدت الحكومة، على لسان الناطق الرسمي مصطفى بايتاس، أن معركة الفساد هي "معركة جماعية"، حيث شدد على أن "كل جهة تساهم في محاربة الفساد على قدم المساواة"، في محاولة لرد الاعتبار للعمل الحكومي في هذا الصدد.
وأشار بايتاس، خلال مؤتمر صحفي عُقد عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، إلى أن الحكومة لم تقف مكتوفة الأيدي، بل اتخذت إجراءات جادة منذ توليها السلطة.
وركز مصطفى بايتاس في كلمته، على بعض الاجراءات لمعالجة قضايا الفساد، أهمها الرفع من حجم المتابعات القضائية" ضد المسؤولين الذين يُشتبه بتورطهم في قضايا الفساد، وهو ما اعتبره دليلاً على حرص الحكومة على حماية المال العام ومحاسبة كل من تسول له نفسه التلاعب به.
أما الإجراء الثاني، أضاف المتحدث ذاته، هو "مرسوم الصفقات العمومية الجديد".
هذا المرسوم، وفقا لبايتاس، يتضمن تغييرات جذرية تجبر جميع المؤسسات الحكومية على الالتزام بمسطرة العروض حتى في الطلبيات العامة، ما يعزز الشفافية ويحد من فرص التلاعب والفساد في هذه الصفقات.
وعن الانتقادات الموجهة بشأن عدم انعقاد لجنة مكافحة الفساد، برر بايتاس ذلك بوجود مؤسسات أخرى تعمل في المجال نفسه، مشيراً إلى ضرورة فهم القوانين والإطار المؤسسي بشكل جيد قبل المطالبة بتحركات معينة.
وأكد أن الحكومة ليست الطرف الوحيد في هذه المعركة، بل يجب أن تتعاون مع المؤسسات الدستورية الأخرى لتعزيز الشفافية والحكامة الجيدة.
وبنبرة واضحة التحدي، دعا الناطق الرسمي باسم الحكومة كل من لديه معلومات أو ملفات فساد إلى التوجه مباشرة إلى القضاء، الذي يبقى الجهة المسؤولة عن زجر ومعاقبة المتورطين.
وكان محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، قد كشف مؤخرا عن عدد من الأرقام الصادمة التي تعكس تأثير الفساد على الاقتصاد المغربي، حيث يفقد المغرب سنويًا ما يصل إلى 50 مليار درهم بسبب هذه الظاهرة، أي ما يعادل 6% من ناتجه الداخلي الخام.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة لمكافحة الفساد، إلا أن الأثر على المستوى الوطني ما زال محدودًا، كما يظهر من ترتيب المغرب في مؤشر إدراك الفساد، الذي لم يشهد تقدمًا يُذكر على مدى العقدين الماضيين.
في ندوة صحفية عقدت مؤخرا بالرباط، استعرض الراشدي تقرير الهيئة السنوي لعام 2023، مسلطًا الضوء على واقع محبط لمؤشرات مكافحة الفساد.
وسجل الراشدي، عدم التقدم سوى بنقطة واحدة فقط في مؤشر إدراك الفساد منذ عشرين عامًا، في حين تدهور ترتيب المغرب في مؤشرات أخرى، مثل استقلال القضاء، وحرية الصحافة، والخدمات على الإنترنت.
وأضاف الراشدي، أن هذه المؤشرات، التي تُعتبر أساسية في تعزيز النزاهة العامة، عكست أداءً سلبياً أثر سلباً على تطلعات المواطنين.
وأشار الراشدي إلى أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي وضعت هدفًا للتقدم بـ23 نقطة في مؤشر إدراك الفساد، لم تنجح سوى في تحقيق نقطة واحدة، لتبقى المملكة في مستوى 38 نقطة فقط.
هذا التقييم أبرز مجموعة من "النواقص الجوهرية" في الاستراتيجية، حسب كلمة رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مثل عدم التجانس في تنفيذ المشاريع وتجزئة الأهداف القطاعية، فضلاً عن غياب التفاعل الفعّال من قبل العديد من الجهات المعنية مع توصيات الهيئة في التقارير السابقة.
في الوقت الذي تم تسجيل تجاوب نسبي بخصوص بعض مشاريع الهيئة مثل التصريح الإجباري بالممتلكات وتنازع المصالح، أكد الراشدي أن هذه المشاريع تحتاج إلى تعديلات لتغطية النواقص المتبقية.
كما أوضح المتحدث ذاته، أن الهيئة مستعدة لتقديم مقترحات جديدة في حال وجود صعوبات في تنفيذ هذه المشاريع.
وكشف التقرير الذي قدمه الراشدي، أيضًا عن واقع مقلق يتعلق بتعرض المقاولات المغربية للفساد، حيث صرحت 68% من المقاولات بأن الفساد منتشر بشكل كبير في المغرب.
مشددا خلال أشغال الندوة، أن بالرغم من هذه الأرقام، فإن الهيئة قدمت خلال السنوات الماضية، أكثر من 40 ورشًا مباشرًا متعلقًا بمحاربة الفساد.