نقص التجهيزات يهدد تجربة "مدارس الريادة".. مستقبل التعليم العمومي على المحك

تشهد المؤسسات التعليمية المصنفة كـ"مؤسسات ريادة" فوضى كبيرة منذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي، نتيجة لعدم توصلها بالتجهيزات الرقمية التي كانت الوزارة قد وعدت بها.
هذا التأخير لا يشمل فقط التجهيزات، بل يمتد أيضًا إلى عدم توصل الأساتذة بالمنح الخاصة بالتكوين والمنح السنوية.
هذا الوضع أثار قلق العديد من المهتمين بالشأن التربوي وأولياء الأمور، خاصة في ظل الرهانات الكبيرة التي تم وضعها على هذه المؤسسات لتحديث التعليم العمومي.
وكانت الجامعة المغربية لحماية المستهلك قد عبّرت عن استعدادها للدفاع عن حقوق التلاميذ المتضررين في هذه المؤسسات، مشيرة إلى أن هؤلاء التلاميذ يعانون من نقص في الوسائل التعليمية الحديثة، مما يؤثر على جودة التعليم المقدم لهم مقارنة بزملائهم في المؤسسات الخصوصية.
وقد أضافت أن النقص في التجهيزات الرقمية يضع التلاميذ في موقف غير متكافئ، ما يعمّق الفوارق بين التعليم العمومي والخصوصي.
الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد، حيث حمل العديد من المهتمين بالشأن التربوي مسؤولية هذا الوضع إلى وزير التربية الوطنية، شكيب بنموسى.
واعتبروا في تدويناتهم المختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن قراره بتعميم هذا النوع من المؤسسات التعليمية جاء دون توفير الإمكانيات اللازمة لتجهيزها.
هذا الأمر، بحسبهم، يزيد من سوء سمعة التعليم العمومي، وإذا ما فشلت تجربة "مؤسسات الريادة"، فإن صورة التعليم العمومي ستزداد سوءًا.
تفاعلاً مع الأزمة، دخلت المعارضة البرلمانية على خط النقاش، حيث وجّه النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مولاي المهدي الفاطمي سؤالًا شفهيًا إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي.
وتساءل الفاطمي عن أسباب التأخر في توفير التجهيزات الرقمية التي وُعدت بها "مؤسسات الريادة"، وهل هناك جدول زمني محدد لتطبيق هذه الالتزامات؟ كما طالب بتوضيح حول التأخر في صرف المنح الخاصة بالأساتذة، وما إذا كانت هناك تدابير لضمان عدم تكرار هذه التأخيرات في المستقبل وتعويض المتضررين.
في سياق آخر، سبق لوزير التربية الوطنية شكيب بنموسى أن أكد، في جلسة سابقة، أن مشروع "مؤسسات الريادة" سيشهد توسيعًا خلال الموسم الدراسي المقبل ليشمل السلك الثانوي الإعدادي، حيث سيستفيد منه 230 مؤسسة إعدادية على مستوى البلاد، تغطي حوالي 200 ألف تلميذ.
هذا المشروع، حسب بنموسى، يهدف إلى معالجة التعثرات الدراسية وتقديم الدعم للتلاميذ المعرّضين لخطر الهدر المدرسي، من خلال آليات يقظة وتقديم الدعم المناسب.
أما على مستوى التعليم الابتدائي، فأكد الوزير أن الوزارة تعتزم توسيع نطاق مشروع "مؤسسات الريادة" ليشمل 2000 مدرسة إضافية، يستفيد منها نحو مليون تلميذ. وأوضح أن الوزارة تتبنى هذه الوتيرة التدريجية في التوسيع للحفاظ على جودة التعليم وتوفير الظروف الملائمة لإنجاح التجربة.
وفي إطار هذا المشروع، شرعت الوزارة في تكوين حوالي 400 مفتش ومفتشة، سيعملون على تدريب 32 ألف أستاذ وأستاذة قبل بداية الموسم الدراسي المقبل، بهدف ضمان جاهزية المؤسسات التعليمية المنخرطة في المشروع وتجهيز الفصول الدراسية بالأدوات الرقمية اللازمة، وفقا للمتحدث ذاته.
تقييم تجربة "مدارس الريادة" الحالية، حسب بنموسى، شمل 626 مدرسة ابتدائية عمومية، بمشاركة حوالي 11 ألف أستاذ ومفتش، واستفاد منها 322 ألف تلميذ.
وقد أظهرت التقييمات الداخلية والخارجية، حسب بنموسى، أن المشروع حقق تقدمًا ملموسًا في تحسين مستوى التعليم ورفع جودة التعليم العمومي، مع اقتراحات إضافية لتطوير المشروع.
في ختام حديثه، شدد الوزير على أهمية تقديم الدعم الاستدراكي للتلاميذ مجانًا داخل المدارس، وتطوير منهجية التدريس، وتجهيز الفصول الدراسية بالوسائل الرقمية، وتجويد ظروف الاستقبال داخل المؤسسات التعليمية لضمان بيئة تعليمية متكاملة تساهم في تحقيق تحول إيجابي في منظومة التعليم العمومي.