بين أرقام الميزانية والاتهامات السياسية.. توترات جديدة تهز جماعة الدار البيضاء

الكاتب : انس شريد

23 أكتوبر 2024 - 10:30
الخط :

في أروقة المجلس الجماعي للدار البيضاء، كانت الأجواء مشحونة، وجميع الأنظار مسلطة على الأرقام التي تم الإعلان عنها بخصوص ميزانية المدينة.

لأول مرة في تاريخ العاصمة الاقتصادية، تصل الميزانية إلى 5.1 مليار درهم، بعد أن كانت 3.2 مليار درهم فقط في الأعوام السابقة.

زيادة ضخمة تجاوزت التوقعات، وتسببت في انطلاق سلسلة من الانتقادات والتساؤلات، خلال أشغال الجلسة الثانية لدورة أكتوبر.

ووسط التصفيق والترحيب من بعض الأعضاء، علت أصوات الشك والجدل، حيث لم يستطع مستشارو حزب العدالة والتنمية، إخفاء استيائهم، متسائلين عن مصداقية هذه الأرقام.

"مبالغ فيها"، هكذا وصفها البعض منهم، مما دفع نبيلة الرميلي، رئيسة المجلس، إلى الرد بحزم.

وقالت الرميلي بابتسامة مستفزة: "هذه الأرقام هي الحقيقة، وليست من صنع خيالنا، لقد أوجعتكم الحقيقة!"، في تصريح يعكس الثقة والحنكة السياسية التي حاولت الرميلي إظهارها في وجه خصومها.

ولم تتوقف الرميلي عند الدفاع عن الأرقام، بل ذهبت أبعد من ذلك، مشيدة بفريقها والمجهودات التي بذلها لتطوير الموارد المالية للمدينة، مؤكدة أن تحصيل الديون وتطوير المداخيل كان وراء هذه القفزة غير المسبوقة في الميزانية.

وأمام استغراب البعض من أعضاء البيجيدي، قالت بتحدٍّ: "كيف يعقل أن يكون المجلس غائباً كما تدعون، وفي الوقت نفسه يحقق هذه الزيادة؟"

لكن الجدل لم يكن فقط بين الرميلي ومستشاري العدالة والتنمية.

في خلفية هذا المشهد، كان التحالف بين حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الاستقلال يعيش توترات داخلية، ظهرت إلى العلن خلال الجلسة الأخيرة.

ولم يتردد عبد الصادق مرشد، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، في نسب الفضل لحزبه في تحقيق الإنجازات الكبرى للمدينة. كلمات مرشد جاءت وكأنها رسالة غير مباشرة لباقي مكونات التحالف، وخصوصاً حزب الاستقلال.

ولم يستطع مصطفى حيكر، رئيس فريق حزب الاستقلال، كبح غضبه، فاستغل المناسبة للرد على مرشد، معتبراً أن التجمع الوطني للأحرار يحاول سرقة الأضواء وتهميش دور الحزب الاستقلالي.

مؤكدا أنه "لا يمكن أن نتجاهل ما قام به رموز حزب الاستقلال في تنمية الدار البيضاء".

وقال حيكر بنبرة غاضبة، مشيراً إلى أسماء بارزة من حزبه ساهمت في مشاريع مستدامة ما زالت آثارها ملموسة حتى اليوم.

واستحضر حيكر أيضاً قضية مثيرة للجدل، عندما تم تغيير اسم إحدى القاعات التي كانت تحمل اسم شخصية استقلالية بارزة، مؤكداً أن هذا القرار لم يكن سوى محاولة لإعادة كتابة التاريخ بطريقة غير عادلة.

التوتر بين مرشد وحيكر لم يكن حدثاً معزولاً، بل امتداداً لخلافات سابقة ظهرت خلال الجلسات الماضية.

ففي الدورة السابقة، كانت هناك مشادات كلامية مشابهة، حيث أطلق حيكر تصريحات نارية ضد مرشد، منتقداً غيابه عن جلسات مهمة وتحميله المسؤولية لحزبه وحده في النجاحات التي تحققت في المدينة.

كل هذا يحدث بينما المدينة تعيش تحولات جذرية في بنيتها التحتية واقتصادها، مما يجعل السؤال الأهم: هل سيستمر هذا التحالف المتوتر في الصمود؟ وهل ستنعكس هذه الخلافات السياسية على مستقبل المشاريع الكبرى التي تنتظرها الدار البيضاء؟

ويرى المتتبعون للشأن المحلي في المدينة أن الصراع داخل التحالف الحاكم قد يصبح العائق الأكبر أمام تحقيق التنمية المرجوة.

فعلى الرغم من أن التحالف بين التجمع الوطني للأحرار والاستقلال كان يمثل توازناً سياسياً ضرورياً لتمرير الكثير من القرارات الهامة، إلا أن هذه التوترات قد تؤدي إلى تفكك هذا التوازن، خصوصاً مع بروز تصدعات واضحة في طريقة تقاسم الفضل والمسؤوليات.

آخر الأخبار