المعاشات والأسعار.. ملفات شائكة تضع الحكومة في مرمى الانتقادات

الكاتب : انس شريد

28 أكتوبر 2024 - 07:30
الخط :

بينما كانت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي تدافع عن تدابير حكومتها، بدا واضحًا أن جدار الصبر لدى النواب قد تصدع بفعل الغضب المتزايد بسبب الغلاء المستمر، ليعصف بهم سيل من الانتقادات في جلسة صاخبة بمجلس النواب اليوم.

وانتقد النائب البرلماني إسماعيل بنبي من الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، بحدة تأثيرات الأزمة الاقتصادية، مؤكدًا أنها لم تعد مقتصرة على الفئات الهشة، بل امتدت لتحرق جيوب الطبقة المتوسطة التي كانت فيما مضى تعتبر العمود الفقري للاقتصاد المغربي، فاليوم يشعر الجميع بلهيب الأسعار، من زيت الزيتون إلى اللحوم وحتى الغاز والسكر.

بنبرة لم تخلُ من الاستنكار، تساءل النائب عن جدوى المليارات التي ضختها الحكومة لدعم القدرة الشرائية دون أن تحقق أي نتائج ملموسة، معتمدين على استيراد الأبقار والأغنام واللجوء إلى اللحوم المجمدة، وهو حل مؤقت يخلق تحديات لوجستية وصحية جديدة.

من جانبها، حاولت الوزيرة العلوي تهدئة العاصفة البرلمانية بإيضاح السياسات الحكومية، مشيرة إلى أن الحكومة تتبع محورين أساسيين: تحسين وضع الأسواق المحلية وزيادة دخل الأسر. وأكدت أن الحكومة لم تتردد في تخصيص دعم لمواد أساسية مثل غاز البوتان، إضافة إلى توفير دعم بقيمة 13 مليار درهم للمكتب الوطني للكهرباء والماء على مدار ثلاث سنوات لضمان استقرار فاتورة الكهرباء.

كما أوضحت أن الحكومة خصصت نحو 20 مليار درهم خلال الموسمين الماضيين لدعم أسعار المواد الغذائية في محاولة للحد من تأثيرات تقلبات الأسعار العالمية.

رغم تبريرات العلوي، لم يهدأ الغضب، بل زادت حدته مع مداخلة النائبة عائشة الكرجي من الفريق الاشتراكي للمعارضة الاتحادية التي لم تتردد في وصف تصريحات الوزيرة بأنها "لا تتطابق مع واقع المغاربة".

وأشارت الكرجي إلى أن الغلاء أصبح دافعًا لبعض مغاربة العالم لإرسال مواد غذائية بدل الأموال لأسرهم داخل المغرب، حيث يرون أن أسعار هذه المواد محليًا تفوق قيمتها في الأسواق الخارجية، في مفارقة مثيرة للدهشة.

ولم تتوانَ النائبة في تسليط الضوء على الارتفاع المتواصل في أسعار السردين واللحوم والسكر، مستنكرة "عزلة الحكومة عن مشاكل المواطنين".

وفي موضوع لا يقل أهمية، تناولت الوزيرة ملف المعاشات، معربة عن حرص الحكومة على ضمان كرامة المتقاعدين.

واعتبرت العلوي أن تحسين المعاشات يتطلب إصلاحًا شاملًا لأنظمة التقاعد، لا مجرد زيادة عابرة، موضحة أن الحكومة قد رفعت المعاشات بنسبة 5% للمتقاعدين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في خطوة مبدئية، إضافةً إلى إقرار قانون "1300 يوم" لدعم العاملين على أعتاب التقاعد.

لكن مسألة التقاعد تحمل في طياتها تعقيدات كبيرة، كما أوضحت الوزيرة، حيث أشارت إلى أن 50% فقط من القوى العاملة المغربية مسجلة في أنظمة التقاعد، ما يعني ضرورة إيجاد حلول تضمن حقوق الجميع.

وأكدت العلوي أن الحكومة قطعت شوطًا مع شركائها الاجتماعيين لتبني ثلاث ركائز رئيسية لإصلاح نظام التقاعد، تتضمن إعداد قطبين منفصلين للقطاعين العام والخاص، تمهيدًا للانتقال إلى نظام شامل يحافظ على حقوق الموظفين والمستخدمين في القطاعين.

بين صدى الانتقادات وتأكيدات الوزيرة، أظهرت جلسة اليوم فجوة واضحة بين تطلعات الشارع وموقف الحكومة التي تجد نفسها أمام تحديات تتزايد يومًا بعد يوم، في ظل تدهور القدرة الشرائية للمواطنين جراء أزمة الغلاء.

آخر الأخبار