مع انطلاق الموسم الفلاحي.. بركة يكشف دور الاستمطار الصناعي ويفند الإشاعات

في خطوة استراتيجية للتصدي لآثار الجفاف التي طالت المغرب وأثرت بعمق على مختلف القطاعات، خاصة القطاع الفلاحي، أعلنت الحكومة عن تكثيف عمليات الاستمطار الصناعي هذا العام.
فقد صرح نزار بركة، وزير التجهيز والماء، خلال أشغال الجلسة الشفهية بمجلس المستشارين، بأن المغرب يواصل تكثيف عملياته لاستجلاب الأمطار الصناعية، مؤكدًا أن هذه التقنية لا علاقة لها بالفيضانات الأخيرة التي شهدتها مناطق الجنوب الشرقي، والتي وصفها بأنها "قدرة إلهية".
تأتي هذه الجهود ضمن مساعي المملكة لتوظيف التقدم التكنولوجي في استجلاب الأمطار، إذ تعدّ المغرب من الدول القليلة التي تملك قدرات متقدمة في هذا المجال، حيث تمكنت من استخدام هذه التكنولوجيا بنجاح، حتى في بلدان إفريقية أخرى، بدعم وتوجيه من الملك محمد السادس.
وعن الآلية التي يعتمدها المغرب في عمليات الاستمطار، أوضح الوزير بركة أن العملية تتطلب تجهيزات وتقنيات محددة وتوقيتًا مناسبًا، إذ لا يتم اللجوء لهذه التقنية إلا عندما تكون السحب غنية برطوبتها، لضمان أن تكون العملية فعالة، خاصة وأنها مكلفة من حيث التكاليف التشغيلية.
وأشار بركة إلى أنه تم تنفيذ عمليات الاستمطار في مناطق مثل أزيلال والحاجب وبني ملال، إذ شهدت هذه المناطق العدد الأكبر من عمليات الاستمطار بفضل تجهيزاتها وإمكاناتها.
فوفقًا للأرقام الرسمية، ارتفعت وتيرة هذه العمليات، حيث أجريت 21 عملية استمطار في عام 2021، و27 عملية في 2022، و22 في 2023، وصولاً إلى 70 عملية خلال 2024، بفضل توظيف الطائرات والمواد الأرضية.
وكشف الوزير أيضًا عن خطط لتوسيع عمليات الاستمطار لتشمل مناطق جديدة في البلاد، بهدف تعميم الفائدة وتقليل آثار الجفاف في أكبر عدد من المناطق المتأثرة.
ورغم ما تردد في وسائل التواصل الاجتماعي حول علاقة الاستمطار بالفيضانات الأخيرة، نفى بركة هذه المزاعم، مؤكدًا أن هذه الأحداث لم تشهد تدخلًا بهذه التقنية.
وأضاف أن عمليات الاستمطار تتم بتنسيق دقيق مع السلطات المحلية وتُنفّذ فقط عندما تكون الظروف مناسبة، وخصوصًا في حالات الجفاف، حيث لا يتم استخدامها في ظل تحذيرات من أمطار غزيرة لتفادي أي تأثيرات سلبية.
وفي خطوة إضافية، كشف بركة عن استعداد الحكومة لإطلاق برنامج جديد للسدود التلية لحماية المناطق المهددة بالفيضانات. إذ أثبت البرنامج الأول عدم جدواه بسبب غياب الدراسات الكافية وارتفاع التكاليف، فضلاً عن عدم اختيار المواقع المناسبة. وقد بدأت الحكومة حاليًا بتنسيق مكثف مع وكالات الأحواض المائية ووزارة الداخلية لتحديد مواقع السدود الجديدة بما يضمن سلامة المواطنين ويقلل من مخاطر الفيضانات، مع إطلاق البرنامج في السنة المقبلة.
هذه الخطط تعكس حرص الحكومة على تعزيز استراتيجياتها لمواجهة التغيرات المناخية وحماية موارد المياه، وسط تحديات بيئية متزايدة وضرورات ملحة لمواجهة الجفاف والفيضانات على حد سواء.
وسبق أن أطلقت وزارة الفلاحة بقيادة الوزير أحمد البواري الموسم الفلاحي 2024/2025 رسمياً من سهل سايس بجهة فاس-مكناس.
وأكدت الوزارة، في بلاغ لها، أن هذا الموسم يشمل إجراءات شاملة تهدف إلى تقوية الإنتاج الزراعي، حيث تم تحديد أهداف لزيادة الإنتاج عبر تدابير متنوعة تشمل عدة قطاعات.
فعلى سبيل المثال، سيتم توفير حوالي 1.26 مليون قنطار من البذور المعتمدة للحبوب الخريفية، بأسعار مدعومة ومحفزة، تقل بنسبة 3 إلى 5 بالمائة مقارنة بالسنة الفلاحية الماضية، في خطوة تهدف إلى تشجيع المزارعين على الزرع بأفضل الطرق وأقل التكاليف.
كما شملت التدابير البرنامج الوطني للزرع المباشر، حيث تخطط الوزارة لتخصيص 260 ألف هكتار لهذا الموسم، بهدف الوصول إلى مليون هكتار بحلول 2030، مما سيساعد على زيادة كفاءة المحاصيل وحماية التربة. وأشارت الوزارة إلى أن هذا البرنامج سيشمل كذلك التأمين الفلاحي المتعدد المخاطر لتغطية المحاصيل الحساسة كالحبوب والزراعات الزيتية والأشجار المثمرة، وذلك لحماية المزارعين من تقلبات المناخ الحادة.
وفي قطاع الفلاحة الحيوانية، وضعت الوزارة برنامجاً خاصاً لدعم مربي الأبقار، من خلال توفير الدعم المالي لاقتناء عجلات من أصناف أصيلة مستوردة ومحلية، وتعليق رسوم الاستيراد على الأبقار الموجهة للتسمين حتى نهاية العام الجاري، مع إمكانية تمديد هذا الإجراء للعام المقبل، وذلك بهدف تعزيز إنتاج اللحوم والألبان في ظل ارتفاع الأسعار. كما يستمر برنامج دعم الأعلاف المركبة، في محاولة للتخفيف من آثار نقص الأمطار وضمان استدامة قطاع تربية المواشي.
إضافة إلى ذلك، خصصت مجموعة القرض الفلاحي بالمغرب ميزانية تقدر بـ12 مليار درهم لدعم الفلاحين وتمويل أنشطتهم خلال هذا الموسم، تأكيداً على التزام القطاع البنكي بدعم الجهود المبذولة لإنجاح الموسم الفلاحي الحالي.
في ظل هذا التوجه، يبدو أن آمال الفلاحين المغاربة معلقة على زخات المطر وإجراءات الوزارة لبدء موسم يعيد الأمل بعد سنوات من التقلبات المناخية والضغوط الاقتصادية.