حزب "العدالة والتنمية".. عندما يركب بعض "الإخوان" بغل الجهالة ظنا منهم أن للمغاربة ذاكرة سمكة

سمير الحيفوفي
أليس في حزب "العدالة والتنمية" عاقل ينبه أخاه "عبد الله بوانو"، بأن المغاربة ضاقوا ذرعا بتنطعه، وبأن حيله الرامية لاستدراج المغاربة إلى معترك لا يهمهم بالدرجة الأولى كما تهمهم قضيتهم الوطنية، لن تجدي نفعا، بعدما سقطت عنه كل الأقنعة، وراح يحاول العودة من النافذة بعدما طرد وإخوانه المغردين معه تغريدته النشاز، شر طردة من باب المشهد السياسي؟
ولربما يظن "عبد الله بوانو" رئيس المجموعة النيابية لحزب "المصباح"، أن للمغاربة ذاكرة سمكة، حتى يحاول المزايدة من جديد على الزيارة التي قام بها "إيمانويل ماكرون"، الرئيس الفرنسي للمغرب وما عبَّر عنه من موقف بلاده، إزاء ما يقع في الشرق الأوسط، حينما خاطب برلمان الأمة المغربية.
وفي خرجة تكشف حربائية مقيتة، طفق "عبد الله بوانو"، يندد في بيان للمجموعة النيابية للـ"إخوان"، بموقف الرئيس الفرنسي، راكبا "بغل" الجهالة إلى أن أكد على أنه جرى التداول في الانسحاب من تحت قبة البرلمان، احتجاجا على خطاب ساكن الـ"إيليزي"، وهو أمر كان عزيز عليه وإخوانه المتشبثين معه بمقاعد البرلمان المريحة، حيث يأكلون الغلة ويسبون الملة.
وقال "عبد الله بوانو"، إن المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية"، تشاورت بشأن إتيان رد فعل آني داخل قاعة الجلسات، حينما تطرق الرئيس الفرنسي، للأحداث الجارية في فلسطين، لكن "واحتراما له باعتباره ضيفا لجلالة الملك، وامتثالا لنهج المغاربة في التعامل مع ضيوفهم، قررنا العدول عن رد الفعل المتفق عليه، مع متابعة الأمر في مبادرات لاحقة".
وككل مرة، نقف على مدى وضاعة بعض "الإخوان"، الذين وقع منهم "سعد الدين العثماني"، على اتفاقية إحياء العلاقات مع إسرائيل، وبأنهم باركوا ذلك حينها، فكما أنهم دبجوا بيانهم بفقرة يتيمة "ثمنوا"، من خلالها موقف فرنسا المعترف بمغربية الصحراء، انقلبوا فجأة إلى الاسترسال في فقرات خمس تالية في الدفاع عن "حماس"، لا لشيء سوى لتسجيل هدف بعدما انتهى وقتهم، وحلت نهايتهم.
وفيما وقع المغرب وفرنسا 22 اتفاقية، بقيمة فاقت العشرة ملايير أورو، لم يرَ الإخوان المغشية أبصارهم والمعميَّة قلوبهم، بغمة ما جاءت به صناديق التشريعيات الأخيرة، بمحاولة العودة من جديد إلى المشهد السياسي، عبر موجة فلسطين ولبنان و"حزب اللات"، وإيران.
ولربما لم يستوعب "عبد الله بوانو"، الذي خرج ينشد البطولة، أن المغاربة عاقبوا حزب "العدالة والتنمية"، عقابا بشريا، وتنفسوا الصعداء بعدما تخلصوا منه ومن كابوسه الذي جثم على صدورهم لعقد كامل، اكتشفوا فيه حربائية المنتمين إليه، وهو عدم استيعاب جعله يظن نفسه قادرا على دغدغة مشاعر المغاربة مثلما انطلى عليهم ذلك في السابق.
وككل مرة، تنفضح خبيئة بعض "الإخوان"، كلما تعلق الأمر بالقضايا الوطنية، فتراهم يحاولون دس السم في كل ما يتعلق بها، وينافحون عن "حماس"، وعن "حزب اللات"، وإيران وكل الجهات التي لا تبغي للمغرب صون وحدته الترابية، ويفرون إلى البلاغات الملغومة، لعلهم يقوضون مرامي المغاربة في حسم قضيتهم الأولى.
وإذ لفرنسا من خلال رئيسها "إيمانويل ماكرون"، أن تعبر عن موقفها، كما تشاء وذاك شأنها السيادي، فإن "عبد الله بوانو"، امتشق سيفه المهلهل، يريد به كسب معركة يعلم المغاربة أنه ومن معه من "الإخوان" في حزب "العدالة والتنمية"، إنما هم مستمرون في تجارتهم البائرة، وهم الذين سبق وأعلنوا حين إمساكهم بزمام الحكومة حربا ضروسا ضد الشرائح المجتمعية التي كانت أوصلتهم إليها.
لقد خذل حزب "العدالة والتنمية"، المغاربة كثيرا، لكن المخذولين الذين بهتوا من انقلابهم على أعقابهم وانغماسهم في ملذات "الحكم" استعادوا رباطة الجأش، وطردوهم من الحكومة ومن قلوبهم، وعرفوا من معهم ومن ضدهم، ومن يزايد ومن يتقن الركمجة، وعرفوا أن قضايا وطنهم أولى وفوق أي اعتبار، بخلاف الباحثين بسوء نواياهم عن الانسلال من جديد إلى المشهد السياسي، عبر الدفاع عن فلسطين، كما يدعون.