بين نقص التمويل وصعوبة التصدير.. المعارضة تطالب بإنقاذ المقاولات الصغرى من شبح الإفلاس

على الرغم من التصريحات الحكومية التي تعد بتحسين بيئة الأعمال وتطوير التجارة الخارجية، تواجه المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب واقعًا مليئًا بالتحديات المتزايدة التي تعوق نموها وتثقل كاهلها، لتصل الأمور إلى نقطة حرجة تهدد بقاءها.
وتعاني الآلاف منها تحت وطأة الديون والضرائب وندرة الفرص في مجال التصدير، حيث يُتوقع أن يصل عدد المقاولات المفلسة إلى 40 ألف مع نهاية هذا العام.
وتبقى هذه المقاولات حبيسة ضعف التمويل وصعوبة الولوج إلى الأسواق العالمية، رغم ما تمتلكه من إمكانيات في قطاعات حيوية مثل النسيج، والصناعات الغذائية، والزراعة.
في جلسة الأسئلة الشفهية المخصصة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش بمجلس النواب، سلط النائب عبد النور الحسناوي الضوء على عجز الحكومة في تحويل وعودها إلى واقع ملموس لدعم هذه المقاولات، منتقدًا الإجراءات التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2025، والتي يراها غير كافية لتقديم حلول جذرية لمشاكل التمويل والتصدير التي تواجه المقاولات الصغيرة والمتوسطة
ودعا النائب البرلماني، إلى اتخاذ خطوات عملية لدعم هذه المقاولات، وتوسيع فرصها في الأسواق العالمية، مع التركيز على بناء منظومة متكاملة تمكنها من تجاوز صعوبات التمويل وتعزيز تنافسيتها.
وتساءل الحسناوي عن فعالية برامج حكومية مثل "تصديركم" و"Go-To-Market" في مساعدة المقاولات الصغيرة على دخول أسواق جديدة، داعيًا الحكومة إلى تقديم تقييم موضوعي لأثر هذه البرامج.
بدوره، أشار إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، إلى أن العوائق المالية تقف كحاجز أمام تطور هذه المقاولات، معربًا عن قلقه من لجوء البنوك إلى تمويل الدولة عوضًا عن دعم المقاولات الصغيرة، مما يفاقم مشكلة السيولة ويضعف أداء الاقتصاد.
وطالب السنتيسي ببرامج شاملة للدعم والتمويل، على نحو يضمن استمرارية هذه المقاولات ويساهم في تحفيز نموها.
ومن جهتها، دعت النائبة حياة لعرايش الحكومة إلى استثمار التحولات في ملف الصحراء المغربية لإعادة تشكيل السياسات المتعلقة بالتجارة الخارجية، مشددة على ضرورة دعم المقاولات الصغرى لتتمكن من الاستفادة من اتفاقيات التبادل الحر التي كانت تهدف إلى رفع مستوى الاقتصاد، لكنها تحولت في بعض الحالات إلى بوابة لمنافسة أجنبية غير عادلة.
وأشارت لعرايش إلى أن تلك الاتفاقيات، رغم النوايا الحسنة، أسهمت في جعل المقاولات الصغيرة المغربية تعتمد على الاستيراد بدلًا من التصدير، ما أفقدها القدرة على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.
المطالب بتطوير البرامج الداعمة وتعزيز الشفافية في أداء الحكومة لم تقتصر على المعارضة فقط، إذ اتفق النواب بمختلف توجهاتهم على ضرورة الإفصاح عن البيانات المحينة للبرامج الحكومية المتعلقة بالصادرات والتجارة الخارجية.
من خلال هذه الانتقادات المتعددة، يظهر بوضوح أن الوضعية الصعبة للمقاولات الصغرى في المغرب ليست مجرد قضية اقتصادية فحسب، بل تحمل أبعادًا اجتماعية وسياسية تتطلب إجراءات جادة وعاجلة لإنقاذ هذا القطاع الذي يشكل ركيزة أساسية للنسيج الاقتصادي.