الدعم المباشر للفئات الهشة.. هل فشل في تقليص ظاهرة التسول؟

في السنوات الأخيرة، شهدت ظاهرة التسول في المغرب تزايداً ملحوظاً، ولم يعد المشهد مقتصراً على الطرقات العامة أو الأسواق فقط، بل امتدت هذه الظاهرة إلى الفضاء الرقمي، حيث باتت منصات التواصل الاجتماعي مسرحاً لانتشار "التسول الإلكتروني".
هذا التطور غير المسبوق جعل فعاليات مدنية وجمعيات حقوقية تدق ناقوس الخطر، مطالبين بتدخل حكومي سريع لوقف هذا النزيف الذي يُستغل فيه الأطفال والنساء، ويُثير شفقة الناس لجمع الأموال بطرق غير مشروعة.
وتعالت أصوات من قبة البرلمان، حيث لم يتردد نواب المعارضة في إثارة هذا الموضوع مراراً وتكراراً خلال جلسات البرلمان، مطالبين بوضع حدٍ لهذه الظاهرة التي استفحلت بصورة مقلقة.
إذ أصبحت صور وفيديوهات لأشخاص في وضعيات هشة، يتم نشرها على منصات التواصل الاجتماعي، لاستدرار عطف المارة الرقميين واستمالتهم للتبرع.
هذه الظاهرة التي لم تعد مجرد تصرفات فردية عشوائية، بل أضحت أقرب ما تكون إلى عمل ممنهج، أثارت جدلاً واسعاً، وتساءل البعض: كيف تستمر هذه الظاهرة في النمو بالرغم من الدعم الاجتماعي المباشر الذي توفره الدولة؟
ومن بين هؤلاء النواب، طرحت النائبة لطيفة أعبوت عن الفريق الحركي، تساؤلاً مباشراً على وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة ابن يحيى، حول السبب وراء استفحال هذه الظاهرة في ظل الدعم الاجتماعي المباشر الذي تقدمه الحكومة.
وفي ردها، وضعت الوزيرة ابن يحيى، خلال أشغال الجلسة الشفهية بمجلس النواب، نقاطاً مثيرة للجدل، حيث أكدت أن التسول ليس قضية فقر فحسب، بل هو ظاهرة مركبة تتطلب تكاثف جهود الجميع، بدءاً من الحكومة والبرلمان، وصولاً إلى المواطنين الذين قد يسهمون بتصرفاتهم غير المقصودة في تعزيز هذه الممارسات، التي تضر بنسيج المجتمع.
وأضافت الوزيرة بنبرة حاسمة، أن دعم الوزارة لا يجب أن يقود الناس إلى ربطه بالتسول، مشيرة إلى أن "ليس كل متسول فقير، وليس كل فقير متسول"، ما يفتح الباب أمام فهم أعمق لأسباب هذه الظاهرة وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية.
كما أوضحت أن الوزارة تركز جهودها على دعم مؤسسات الرعاية الاجتماعية التي تلعب دورًا رئيسيًا في مكافحة التسول، من خلال تخصيص منح مالية تقدر بحوالي 14.5 مليون درهم، لدعم البرامج الوقائية.
وفيما يتعلق بتسول الأطفال، خصصت الوزارة برامج تستهدف توفير بيئة آمنة لهم، حماية لهم من استغلالهم كأداة لاستدرار عطف المجتمع.
ولم تخفِ الوزيرة في تصريحاتها وجود تحديات كبيرة تواجهها الوزارة، حيث وصفت الإرادة السياسية بأنها عنصر أساسي يدفع عجلة الجهود المبذولة، لكنها أعربت عن أسفها لعدم وصول بعض هذه المبادرات إلى تطلعات المجتمع، رغم تعاون عدد من الجهات الفاعلة، بما في ذلك المجتمع المدني والجماعات الترابية والأحزاب السياسية.
من جهة أخرى، أكدت الوزيرة على عزم الوزارة تحسين جودة البيانات التي تصدر عنها، لتكون انعكاساً حقيقياً لواقع المجتمع، بهدف نقل الصورة كما هي من دون أي تزييف.