خلافات سياسية حادة حول ميزانية 2025.. تبادل اتهامات بـ "التضليل" و "التغول السياسي"

الكاتب : انس شريد

14 نوفمبر 2024 - 10:00
الخط :

في جلسة برلمانية صاخبة اتسمت بحدة النقاش وتبادل الانتقادات اللاذعة، وجهت المعارضة المغربية اتهامات قاسية للحكومة على خلفية مشروع قانون المالية الجديد، معتبرة أنه لم يقدم الحلول المطلوبة للأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها المغاربة.

 رئيس الفريق الاشتراكي - المعارضة الاتحادية، عبد الرحيم شهيد، كان في طليعة المنتقدين، متهماً الحكومة بعجزها عن حماية القدرة الشرائية للمواطنين للعام الرابع على التوالي.

وقال شهيد إن الارتفاعات الصاروخية في الأسعار قد وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن مواد أساسية مثل المحروقات، التي تراجعت عالميًا بأكثر من 20%، لم تشهد انخفاضاً محلياً يتجاوز 3%.

ولم يتوقف شهيد عند هذا الحد، بل أضاف أن أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الخضروات والفواكه والحبوب لا تزال ترهق جيوب المواطنين، وأن أسعار اللحوم ارتفعت بشكل غير مسبوق ليصل الكيلوغرام إلى 130 درهماً بعد أن كان لا يتجاوز 70 درهماً عند بداية ولاية الحكومة الحالية.

وفي إشارة لاذعة إلى مخطط المغرب الأخضر، الذي كان يُفترض أن يحدث ثورة زراعية في البلاد، تساءل شهيد عن الأثر الحقيقي لهذا المشروع في ظل ارتفاع أسعار زيت الزيتون إلى 100 درهم للتر الواحد، وهو ضعف سعره قبل سنوات قليلة.

بينما وجه النائب أحمد العبادي عن حزب التقدم والاشتراكية انتقادات مماثلة، إذ اعتبر أن الحكومة تخفق في تحقيق وعودها الانتخابية وفي مواجهة التضخم، الذي يعتقد أن مستواه الواقعي يتجاوز النسبة الرسمية المعلنة بين 1% و2%.

وأبرز العبادي، استناداً إلى تقارير حديثة، أن 82.5% من المغاربة باتوا يشعرون بتدهور واضح في مستوى معيشتهم، وأن ما يقدر بثلاثة ملايين و200 ألف شخص انضموا إلى دائرة الفقر والهشاشة الاقتصادية في السنوات الأخيرة.

وعلى صعيد آخر، لم تقتصر الانتقادات على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، بل تجاوزتها إلى انتقاد ما وصفه شهيد بـ "التغول السياسي" الذي تمارسه الحكومة.

وعبر عن استغرابه من الضغوط الكبيرة التي تمارسها الحكومة على المؤسسة البرلمانية للإسراع في مناقشة مشروع قانون المالية، ووصف هذا النهج بأنه محاولة للالتفاف على الإجراءات الدستورية التي تنظم العمل البرلماني.

وأشار شهيد إلى عدم حضور معظم الوزراء لمناقشة الميزانيات الفرعية في البرلمان، باستثناء وزيرة الاقتصاد والمالية والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، مما يعكس، حسب قوله، غياب احترام الحكومة لالتزاماتها الدستورية.

في الجهة المقابلة، كان للحكومة ورموزها رأي مغاير، إذ تصدى رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، محمد شوكي، لهذه الانتقادات بشراسة، واصفاً خطاب المعارضة بأنه مجرد "تضليل وتشكيك" يعتمد على المزايدات والمغالطات السياسية.

وأضاف أن مشروع قانون المالية، في نسخته الجديدة، يعبر عن التزام فعلي بتنفيذ برامج الدولة الاجتماعية التي تعطي الأولوية للمواطنين وتعزيز فرص الاستثمار وخلق وظائف جديدة.

 شوكي ذهب إلى أبعد من ذلك حين أكد أن مشروع القانون يتضمن إجراءات لدعم القدرة الشرائية وتخفيض الضريبة على الدخل، مشيراً إلى أن هذه التدابير تجاوزت حتى توقعات أعضاء الأغلبية الحكومية.

ولم تنتهِ الانتقادات هنا، بل استمر الجدل حول السياسة الفلاحية، حيث شدد العبادي على ضرورة إعادة النظر في هذه السياسة التي لم تحقق أهدافها في تعزيز الاكتفاء الذاتي.

وذكر أن المغرب أصبح مصدراً للمياه المحلية عبر تصدير المنتجات الزراعية التي تعتمد على مياه الري، في حين لا تزال البلاد تعتمد على استيراد الحبوب والزيوت واللحوم من الخارج، حيث بلغ حجم الواردات الغذائية 90 مليار درهم، أي ما يعادل 12.5% من مجموع الواردات.

ورغم تشديد الحكومة على أن قانون المالية يعكس خطتها لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية اجتماعية شاملة، إلا أن المعارضة ترى أن هذه الإجراءات غير كافية لمواجهة التحديات المتزايدة التي يعاني منها المغاربة، خاصة في ظل ارتفاع مستويات الفقر وازدياد نسبة البطالة.

المشهد البرلماني كان، ولا يزال، مشتعلاً بتبادل وجهات النظر الحادة، ما يعكس الانقسام الكبير بين مواقف الحكومة ومعارضيها بشأن مستقبل المغرب الاقتصادي والاجتماعي.

وفيما يستمر المواطنون بمراقبة ما ستسفر عنه هذه المناقشات، يتطلع الكثيرون منهم إلى حلول واقعية وملموسة تخفف من وطأة الأزمة الاقتصادية وتعيد لهم الأمل في مستقبل أفضل.

آخر الأخبار