تبادل الاتهامات بين الحكومة والمعارضة.. هل فقد النقاش السياسي جديته؟

الكاتب : انس شريد

16 نوفمبر 2024 - 08:30
الخط :

وسط أجواء متوترة شهدتها الجلسات البرلمانية الأخيرة، تصاعد الجدل السياسي بين الحكومة والمعارضة، ما أثار ردود فعل متباينة لدى الرأي العام.

كانت هذه المواجهة بمثابة مرآة عكست عمق الصراع القائم بين أطراف المشهد السياسي، حيث تراوحت التهم المتبادلة بين التشكيك في النوايا وإلقاء اللوم على الأداء الحكومي والمعارض على حد سواء.

الهجوم اللاذع الذي شنه مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، على فرق المعارضة، وخاصة حزبي الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، لم يمر مرور الكرام، بل فتح فصلاً جديدًا من الصراع السياسي الذي باتت تفاصيله تشغل الرأي العام.

بايتاس، الذي وصف الحزبين بـ"المترددين" الذين يضعون قدمًا في المعارضة وأخرى مع الأغلبية، لم يتردد في اتهامهما بالسعي للالتحاق بالحكومة حتى وقت قريب.

تصريحاته جاءت مصحوبة بتلميحات إلى شخصيات تاريخية كعبد الرحمان اليوسفي وعلي يعثة، مشيرًا إلى أن القيم السياسية التي يمثلها هذان الرمزان لا تتماشى مع ممارسات المعارضة الحالية.

هذا الخطاب أثار تساؤلات حول مدى التزام الأطراف المختلفة بأخلاقيات العمل السياسي واحترام قواعد اللعبة الديمقراطية.

في المقابل، لم تكتف الحكومة بالدفاع عن نفسها، بل حاولت استعراض ما وصفته بإنجازاتها الكبرى.

وأشاد لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، بشجاعة الحكومة في تنفيذ إصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، متحدثًا عن استثمارات ضخمة في قطاعات التعليم والصحة والشغل.

ووفقًا للسعدي، تمكنت الحكومة من تخصيص 85 مليار درهم لدعم التعليم، إلى جانب تأهيل 1200 مركز صحي جديد، مما يعكس رؤية استراتيجية واضحة لتحقيق التنمية المستدامة.

لكن هذه الإنجازات لم تمنع الانتقادات الموجهة للحكومة من قبل المعارضة التي اعتبرت أن هذه السياسات لا ترقى لمستوى التحديات.

الهجوم لم يقتصر على السياسات فقط، بل امتد إلى أساليب التعبير السياسي، حيث انتقد بايتاس لجوء بعض النواب إلى استخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" لتمرير رسائلهم السياسية.

هذا التصرف اعتبره الوزير مؤشرًا على انحدار الخطاب السياسي وعدم احترام هيبة المؤسسة التشريعية.

الحكومة بدورها استغلت المناسبة لتوجيه رسائل مباشرة، محذرة من محاولات تبخيس الإنجازات الوطنية ومطالبة المعارضة بالتحلي بالمسؤولية السياسية والارتقاء بالنقاش العام.

كما شهدت الجلسة الأخيرة صراعا من نوع آخر، بعدما انتفضت النائبة البرلمانية عن حزب الإشتراكي الموحد؛ نبيلة منيب، ضد عدد من زملائها في فرق الأغلبية البرلمانية على خلفية تدخلاتهم التي ينتقدون من خلالها المعارضة.

وخاطبت نبيلة منيب البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، زميلتها نجوى كوكوس النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، معتبرة إياها متدربة في العمل البرلماني.

مؤكدة: "براكا من البسالة، واش تقادو الكتاف، حشومة هادشي لي ولينا كنشوفوه في الجلسات البرلمانية".

التفاعل الشعبي مع هذه الأحداث كان حاضرًا بقوة، حيث انقسمت الآراء بين من يدعم الحكومة ويرى في انتقاداتها للمعارضة حقًا مشروعًا، وبين من يعتبر أن التصعيد يعكس أزمة حقيقية في العمل السياسي بالمغرب.

النقاش انتقل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دعا عدد من المهتمين بالشأن السياسي إلى الابتعاد عن شخصنة الخلافات والتركيز على القضايا الجوهرية التي تهم المواطن.

في ظل هذا المناخ المتوتر، يظل السؤال المطروح: هل يمكن لهذه الدينامية السياسية أن تتحول إلى فرصة لتعزيز الحوار البناء وتحقيق توافقات جديدة تخدم المصلحة العامة، أم أن الصراع سيبقى عنوان المرحلة، مما يعمق الفجوة بين الفاعلين السياسيين والمجتمع؟

آخر الأخبار