تقرير جديد يكشف فشل الدولة في تدبير الماء رغم سياسة السدود

كشف تقرير جديد على مؤشرات ومعطيات جديدة تتعلق بتدبير الماء بالمملكة، في ظل الأزمة والخطر الذي باتت تعانيها في السنوات الأخيرة، في أعقاب توالي سنوات الجفاف.
وحسب دراسة أعدتها جميعة أطاك المغرب، فإن المملكة تعاني المغرب من أزمة مائية غير مسبوقة تفاقمت خلال العقود الأخيرة بفعل تغيّرات مناخية متسارعة وسياسات مائية مشكوك في فعاليتها.
الدراسة لفتت غلى أنه على الرغم من الجهود الاستثمارية الضخمة التي بذلتها الدولة في بناء السدود وتطوير القطاع الزراعي، لا تزال النتائج بعيدة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للبلاد.
السياسات المائية
واعتبرت الدراسة أن السياسة المائية بالمغرب ركزت على السدود بينما أمعنت في الإقصاء المجالي.
وأوضح المصدر أنه ىمنذ عهد الحماية، ركزت السياسات المائية على تلبية احتياجات الصناعات الاستخراجية وإمداد المناطق الحضرية الكبرى على حساب المناطق الريفية.
وأضافت أنه بعد الاستقلال، واصلت الدولة نفس النهج، بتخصيص موارد هائلة لبناء السدود الكبرى (153 سدًا حتى الآن) وتوجيهها لخدمة الزراعات المكثفة الموجهة للتصدير.
وأشارت دراسة أطاك المغرب، إلى أنه رغم هذه الاستثمارات، لا تتجاوز نسبة الأراضي الزراعية المروية 19%، بينما يتم إهدار 85% من الموارد المائية على زراعات تتطلب استهلاكًا مرتفعًا للمياه مثل الأفوكادو والبطيخ الأحمر، التي لا تسهم في تحقيق الأمن الغذائي الوطني.
أزمة الجفاف وتحديات المستقبل
وأكدت الدراسة أنه مع تسجيل سنوات جفاف متتالية، وصلت نسبة ملء السدود إلى أدنى مستوياتها، حيث بلغت 2% في بعض الحالات بحلول فبراير 2024.
هذه الظاهرة، وفق الدرسة، ليست فقط نتيجة تغير المناخ، بل تتفاقم بفعل سوء إدارة الموارد المائية وإعطاء الأولوية للمصالح التجارية على حساب الاستدامة البيئية والاجتماعية.
ونبه المصدر إلى أن توقعات العجز المائي تشير إلى سيناريوهات كارثية قد تصل إلى نقص 7 مليارات متر مكعب سنويًا بحلول عام 2050.
هذا العجز البنيوي يضع البلاد في مواجهة تحديات اجتماعية واقتصادية عميقة، خاصة في المناطق الريفية المهمشة.
السياسات الزراعية
ولفتت الدراسة إلى أن السياسات الزراعية، بدورها ركزت على التصدير بينما أهملت بشكل كبير صغار الفلاحين، الذين باتوا يعانون كثيرا.
وأدت السياسات الزراعية، تقول الدراسة، إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين الصغار.
وأوضحت أن الاستثمارات الكبرى ركزت على الزراعات الموجهة للتصدير، مستفيدة من الإعانات الضخمة وإعفاءات ضريبية شملت كبار المستثمرين، بينما تُهمل زراعة الحبوب والقطاني، التي تمثل 60% من الغذاء الوطني وتُعاني انخفاضًا حادًا في الإنتاج، إذ وصلت نسبة التراجع إلى 69% في الموسم 2021-2022.
مستقبل المياه والزراعة
وتابعت الدراسة أنه أمام هذه التحديات، تبنت الدولة بعض الحلول الجزئية مثل مشاريع تحلية مياه البحر ونقل المياه بين الأحواض المائية، لكنها لا تزال حلولًا مكلفة وغير متاحة للجميع. في المقابل، تتزايد الدعوات إلى اعتماد سياسات مائية وزراعية أكثر عدالة واستدامة ترتكز على دعم الزراعة التضامنية وصغار الفلاحين، وتقنين استخدام المياه الجوفية والحد من زراعات مفرطة الاستهلاك، وتعزيز استثمارات البحث والتطوير في تكنولوجيا الري المستدام.
ويعكس التقرير اتهاما مباشر للمدبر العمومي المسؤول على وضع السياسات المائية بالمغرب، بفشله في تدبير القطاع، في ظل استمرار استنزاف الموارد المائية وتفاقم الجفاف، الأمر الذي يدعو لتغيير جذري لإنقاذ ما تبقى من الأمن الغذائي والسيادة المائية في المغرب.