أزمة تراكم النفايات واحتلال الملك العام على طاولة البرلمان.. هل تكفي الحلول الحالية؟

الكاتب : انس شريد

25 نوفمبر 2024 - 07:30
الخط :

وسط قبة البرلمان، حيث تتقاطع المناقشات السياسية مع هموم المواطنين اليومية، كان ملفا احتلال الملك العمومي وتدبير النفايات المنزلية محور جلسة ساخنة شهدت تصريحات لافتة لوزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أمام أعضاء مجلس النواب.

فيما يخص احتلال الملك العمومي، أقر لفتيت اليوم الاثنين، بأن الظاهرة تمثل تحدياً ملحاً، إذ أكد أن الجماعات الترابية، بالتنسيق مع السلطات المحلية، تعمل جاهدة على مواجهة الظاهرة، لكن الحلول التقليدية، مثل بناء الأسواق النموذجية، باتت غير كافية.

وأشار الوزير بحدة إلى أنه "لا يمكن تحويل المدن إلى أسواق"، داعياً إلى ابتكار حلول جذرية ومستدامة تُنهي هذه الظاهرة، مع التأكيد على أن استغلال الملك العام بشكل غير مشروع "أمر مرفوض ومحسوم".

لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ وجه لفتيت انتقادات مبطنة لبعض السلوكيات التي تفاقم المشكلة، مؤكداً أن السلطات المحلية مستعدة لتقديم كل الدعم اللازم للجماعات الترابية لتحقيق التنمية وحماية الملك العمومي.

كما طالب بتكاتف الجهود لإيجاد مقاربة شاملة تُحافظ على جمالية المدن وتُعزز مداخيل الجماعات الترابية.

أما عن تدبير النفايات المنزلية، فقد قدم لفتيت عرضاً مفصلاً حول المكتسبات والإكراهات التي تواجه هذا القطاع.

وأوضح أن نسبة جمع وكنس النفايات ارتفعت إلى 96% بعد أن كانت لا تتجاوز 44% سنة 2008، وهو ما تحقق بفضل عقود التدبير المفوض التي تشمل المدن الكبرى والمتوسطة.

وتابع لفتيت أن نسبة طمر النفايات قفزت إلى 63% بعد أن كانت لا تتجاوز 11%، بفضل إنشاء 23 مطرحًا مراقبًا يخدم حوالي 180 جماعة ترابية.

كما تم إغلاق وتهيئة 67 مطرحًا عشوائيًا، حسب المتحدث ذاته، في خطوة تهدف إلى تحسين الوضع البيئي.

ومع ذلك، تبقى نسبة إعادة تدوير وتثمين النفايات ضعيفة، حيث لم تتجاوز 8%، مما يطرح تساؤلات حول فعالية الجهود المبذولة في تحويل النفايات إلى فرص اقتصادية ومصادر طاقة نظيفة، وسط تحديات بيئية متزايدة.

كما أشار الوزير إلى تحديات كبيرة، منها ضعف تمويل الجماعات وتأخر إغلاق المطارح العشوائية وفق المعايير البيئية.

في هذا الإطار، كشف الوزير عن توقيع بروتوكول جديد يهدف إلى تقليص كمية النفايات التي يتم طمرها بنسبة 45% وزيادة نسبة تثمين النفايات إلى 25% بحلول 2030.

كما يسعى البروتوكول إلى الحد من التأثيرات البيئية لمطارح النفايات، وتطوير عمليات الفرز وإعادة التدوير. وأكد لفتيت أن هذه الجهود ستساهم في تقليل الاعتماد على الطاقة التقليدية في صناعة الإسمنت، وخلق مئات فرص العمل في قطاع تثمين النفايات.

وفي خطوة جريئة نحو المستقبل، أعلن الوزير عن مواصلة تنزيل "البرنامج الوطني لتثمين النفايات المنزلية" الممتد بين 2023 و2034، بميزانية إجمالية تُقدر بـ21.14 مليار درهم.

ويهدف البرنامج إلى إنشاء مراكز طمر وتثمين جديدة، إعادة تأهيل المطارح القديمة، وتحسين إدارة النفايات بطريقة احترافية.

وتُظهر تصريحات الوزير حجم الجهود المبذولة لتحسين جودة الحياة بالمغرب، لكنها في الوقت نفسه تكشف عن التحديات المتزايدة في قطاعي تدبير النفايات وحماية الملك العمومي.

السؤال الذي يبقى معلقاً: هل ستنجح هذه البرامج الطموحة في تحقيق أهدافها وسط إكراهات ميدانية ومالية معقدة؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف الجواب.

آخر الأخبار