بات تراجع أعداد الماشية بالأسواق المغربية يقلق راحة الفلاحين فضلا عن السلطات الحكومية المكلفة بالفلاحة بالاضافة إلى عموم المغاربة، الذين سيبدؤون التفكير من الآن في أسعار أضاحي العيد، ناهيك عن غلاء اللحوم الحمراء الذي ألهب جيوب المغاربة.
ورصدت وزارة الفلاحة تراحعا حادا في أعداد الماشية على الصعيد الوطني، ما دفعها إلى إطلاق عملية إحصاء واسعة، وقبلها اتخذت قرارا بمنع ذبح الايناث من المواشي.
وأرجع وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، هذه الوضعية إلى توالي سنوات الجفاف وغلاء أسعار الأعلاف، مما أثر سلباً على القطيع الوطني وأدى إلى انخفاض الإنتاجية.
واقع الأزمة وتأثيراتها
وأقر الوزير في حديثه للمستشارين البرلمانيين أمس بأن التراجع "المقلق" في أعداد الماشية يشكل تهديداً للاستقرار الغذائي الوطني وللقطاع الفلاحي بشكل عام. هذا التراجع انعكس بشكل مباشر على وفرة اللحوم الحمراء في الأسواق، ما أثار تساؤلات حول التدخلات الحكومية لمعالجة الوضع.
خطط الحكومة
وتشتغل وزارة الفلاحة على استراتيجية لمعالجة الأزمة، والتي ترتكز على محورين أساسيين، الأول يتمثل في ضمان استمرارية تزويد السوق الوطنية باللحوم الحمراء، إذ اتخذت الحكومة عدة تدابير فورية، منها تعليق رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة على استيراد العجول والأغنام.
كما أقدمت الحكومة على استيراد أكثر من 120 ألف رأس من الأبقار و800 ألف رأس من الأغنام، بهدف تخفيف الضغط على القطيع الوطني وضمان تزويد السوق بشكل طبيعي.
أما التدبير الثاني يتمثل في إعادة هيكلة القطيع الوطني، من خلال تعزيز دعم الأعلاف، بما في ذلك الشعير والأعلاف المركبة، لتخفيف كلفة الإنتاج، فضلا عن تنفيذ حملات تلقيح مكثفة لحماية القطيع من الأمراض، حيث شملت تلقيح 19 مليون رأس من الأغنام والماعز، و1.4 مليون رأس من الأبقار.
كما منعت الحكومة ذبح إناث الأبقار الموجهة للتوالد، للحفاظ على قدرة القطيع على التكاثر، رغم أن هذا القرار لم تواكبه إجراءات عملية في الميدان، كما أكد ذلك، جزار تحدث "للجريدة24".
استيراد اللحوم كحل مؤقت
ولجأت الحكومة إلى فتح استيراد اللحوم الطرية والمجمدة، مع تعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة.
وأوضح الوزير بمجلس المستشارين أن هذه اللحوم المستوردة تخضع لتفتيش صحي صارم في مجازر معتمدة لضمان جودتها وسلامتها الصحية.
جهود لتعزيز السلالات المحلية
ولم تقتصر التدخلات على الحلول المؤقتة، بل شملت جهوداً طويلة الأمد لتحسين وضعية الأصناف المحلية من الماشية، مثل "الصردي" و"بني كيل" و"تمحضيت"، لما لها من أهمية اقتصادية وثقافية.
تحديات وآفاق
ورغم الجهود المبذولة، تبقى أزمة اللحوم الحمراء في المغرب مرتبطة بتحديات طويلة الأمد، منها التغيرات المناخية والضغط الاقتصادي على المربين.
ومع ذلك، تبرز التدخلات الحكومية الحالية كخطوة نحو تحقيق استقرار مستدام في القطاع، مع ضرورة تعزيز السياسات الداعمة للمربين وتحفيز الابتكار في مجال الزراعة والرعي.