50 مليار درهم سنويا.. كلفة الفساد تُثير تساؤلات حول جدية الإصلاح

الكاتب : انس شريد

05 ديسمبر 2024 - 10:30
الخط :

أثار النقاش البرلماني حول مؤشر إدراك الفساد في المغرب موجة انتقادات حادة وجهتها المعارضة للحكومة الحالية، بعد تراجع المملكة بخمس نقاط في هذا المؤشر خلال السنوات الخمس الأخيرة.

التراجع الملحوظ في مؤشر إدراك الفساد أثار جدلًا واسعًا حول مدى جدية الحكومة في الوفاء بتعهداتها لمحاربة هذه الظاهرة التي تنخر الاقتصاد الوطني وتؤثر على ثقة المواطنين.

هذا النقاش الساخن أعاد ملف الفساد إلى الواجهة بقوة، ليصبح محور اهتمام خلال مناقشات مشروع قانون المالية لسنة 2025، وسط مطالب متزايدة بإجراءات حازمة تعكس التزام الحكومة بوعودها وتضع حدًا للاستنزاف المستمر للموارد.

ووجه رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس المستشارين، يوسف إيذي، وجه انتقادات مباشرة للحكومة، متهمًا إياها بعدم اتخاذ تدابير جدية للحد من الفساد، على الرغم من تكلفته الاقتصادية الهائلة، التي تتجاوز 50 مليار درهم سنويًا، أي ما يعادل 3.5 إلى 6% من الناتج الداخلي الخام.

وأشار إيذي إلى ملفات فساد وصفها بـ"الخطيرة"، تشمل نهب المال العام، استغلال النفوذ، وانتشار اقتصاد الريع، محذرًا من أن غياب المحاسبة الفعلية يعمق هذه الظاهرة ويقوض جهود التنمية.

وانتقد إيذي بشدة "التوسّع في دائرة الرشوة"، مشيرًا إلى تفشيها في مجالات مثل الصفقات العمومية والتفويتات المشبوهة، ما أدى إلى استنزاف موارد مالية ضخمة كان من الممكن استثمارها في مشاريع تنموية.

كما استنكر التأخر في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي كان من المفترض أن تقلص الظاهرة وتعزز ثقة المواطنين، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي يهدد بمزيد من التراجع في ترتيب المغرب دوليًا.

من جهته، طالب الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، بتوضيحات حول الرقم المثير للجدل، المتمثل في 50 مليار درهم ككلفة سنوية للفساد، واصفًا إياه بـ"غير المفهوم".

وأشار لقجع خلال جلسة عمومية للمصادقة على مشروع قانون المالية 2025، إلى أن هذا الرقم يعادل أربع نقاط من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يستدعي تفسيرًا دقيقًا لمعرفة "مواطن الخلل". كما شدد على ضرورة تقديم معطيات ملموسة تساعد على وضع سياسات فعالة للحد من الفساد، بدل الاكتفاء بالأرقام التقديرية التي تفتقر للدقة.

ورفض لقجع مقارنة المعارضة بين كلفة الفساد والمبلغ الذي خصصته الحكومة للحوار الاجتماعي، الذي بلغ 45 مليار درهم.

واعتبر أن الأولويات الحكومية تركز على تحسين القطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم، اللذين ارتفعت ميزانياتهما بنسبة تفوق 50% خلال السنوات الثلاث الماضية.

وكان تقرير اللجنة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، الذي أشار إلى الكلفة الاقتصادية للفساد، المحور الأساسي للنقاش، حيث طالبت المعارضة الحكومة بتحمل مسؤولياتها في مكافحة اقتصاد الريع، تعزيز المنافسة الشريفة، ومكافحة الاحتكار.

ويبقى الجدل مفتوحًا بين الحكومة والمعارضة حول أرقام الفساد ودلالاتها، في وقت يتطلع فيه المواطنون إلى تدابير ملموسة تعيد ثقتهم في المؤسسات وتضع حدًا للظواهر التي تعيق التنمية.

ومع تصاعد الانتقادات، يبدو أن الحاجة إلى استراتيجيات أكثر حزمًا أصبحت ضرورة ملحة لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين صورة المغرب على الساحة الدولية.

آخر الأخبار