5 مليارات درهم شهرياً تضيع بسبب التهرب.. معركة التصريح بالأجراء تشتعل تحت قبة البرلمان

الكاتب : انس شريد

10 ديسمبر 2024 - 10:00
الخط :

مع تزايد التحذيرات حول وضعية العمال غير المصرح بهم في المغرب، برزت أرقام صادمة تكشف حجم الإشكال الاجتماعي الذي يثقل كاهل سوق الشغل.

وفتحت جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء باب النقاش على مصراعيه، حيث تصدرت مسألة الحماية الاجتماعية للأجراء واجهة المشهد السياسي، وسط دعوات لإصلاح جذري يحمي حقوق العمال ويضبط الممارسات غير القانونية.

وفي مواجهة هذه الأزمة، لم تتأخر المعارضة البرلمانية في توجيه انتقاداتها للحكومة.

فقد طالبت بتشديد الرقابة على المشغلين الذين يتهربون من التصريح بالأجراء، داعية إلى تفعيل دور جهاز تفتيش الشغل وتطبيق العقوبات اللازمة على المخالفين.

كما شددت على ضرورة توفير آليات لضمان التنفيذ الصارم للتشريعات المتعلقة بالشغل.

وفي هذا الصدد، أعلن هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل،  خلال الجلسة أن نحو ستة ملايين مغربي محرومون من حقوقهم الأساسية بسبب عدم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

هذا الرقم يمثل أكثر من نصف الأجراء في سوق الشغل الوطني، حيث إن عدد المنخرطين في الصندوق لا يتجاوز أربعة ملايين، في حين تشير الإحصائيات الرسمية إلى وجود 10 ملايين شخص في حالة شغل.

وضعية وصفها المسؤول الحكومي بأنها "معقدة وشائكة"، تتطلب تدخلات عاجلة ومقاربات مبتكرة.

المفارقة التي أثارت الانتباه تكمن في التبعات الاقتصادية لهذا الخلل. فبحسب صابري، تفقد الدولة حوالي 5 مليارات درهم شهرياً نتيجة تهرب المشغلين من التصريح بالأجراء، وهو مبلغ يعادل تقريباً ميزانية صندوق المقاصة، ويمكن أن يُستخدم لتمويل مشاريع التغطية الصحية الشاملة وبرامج الحماية الاجتماعية.

هذا الرقم يعكس الحاجة الماسة إلى إصلاحات هيكلية تضع حداً للهدر المالي وتحمي حقوق العمال.

وفي هذا السياق، أعلن المتحدث ذاته؛ عن مشروع رائد يتمثل في إطلاق منصة رقمية تتيح للأجراء الإبلاغ عن عدم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

هذه الآلية، وفقا لما أكده الصابري، تعد الأولى من نوعها، تهدف إلى تعزيز الشفافية وتمكين العمال من ضمان حقوقهم بسهولة ويسر.

وأوضح صابري أن المشروع سيتم عرضه على البرلمان لمناقشته وإقراره، مؤكداً أنه يمثل خطوة محورية نحو تحقيق الحماية الاجتماعية الشاملة.

لكن التحدي لا يقتصر على الجانب التقني فقط،  فالحكومة تواجه معضلة اجتماعية تتعلق بتغيير ثقافة التعامل مع سوق الشغل وتعزيز الوعي بأهمية التصريح بالأجراء.

وشدد المسؤول الحكومي على أهمية التكاتف بين جميع الأطراف المعنية، من حكومة ونقابات ومشغلين، لإرساء منظومة شاملة قائمة على قيم التكافل والمسؤولية.

كما أوضح ذات المتحدث، أن الوزارة تعمل على تعزيز منظومة التفتيش وتطوير آليات المراقبة، لكنه دعا أيضاً إلى التحسيس بأهمية حماية حقوق الأجراء، موضحاً أن الغاية ليست تجريم المشغلين بل تمكينهم من الإسهام بشكل إيجابي في الاقتصاد الوطني.

وفي ظل هذه التحديات، يبدو أن نجاح مشروع الحماية الاجتماعية يعتمد على التوفيق بين السياسات الصارمة والمبادرات التحفيزية، لتحقيق التوازن بين حقوق العمال واستدامة الأعمال.

لكن ما هو مؤكد أن الطريق نحو حل جذري لهذه الأزمة لن يكون سهلاً، وسيحتاج إلى جهود مشتركة واستراتيجية طويلة الأمد تعيد الثقة لسوق الشغل المغربي وتحمي حقوق جميع الأطراف.

آخر الأخبار