تجاوزات مالية تضع علامات استفهام حول مؤسسات عمومية!

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

16 ديسمبر 2024 - 10:30
الخط :

كشف التقرير الجديد للمجلس الأعلى للحسابات عن حجم هدر المال العام، وارتكاب التجاوزات على مستوى التدبير من قبل شخصيات ومؤسسات عمومية.
وبرز حصيلة سنة 2023 ومطلع 2024 كمرآة عاكسة للتحديات والمجهودات المبذولة في الحفاظ على المال العام، وصورة شاملة عن واقع التدبير العمومي.

الهدر المالي
وبلغ مجموع الغرامات المفروضة من قبل المجلس الأعلى للحسابات 5.056.500 درهم، بينما تجاوزت قيمة الأموال المحكوم بإرجاعها 9.148.973 درهم، مما تعكس هذه الأرقام عمق الاختلالات التي تشوب إدارة الأموال العامة.
وشملت هذه القرارات 24 ملفًا تم البت فيها، مع تسجيل عدم ثبوت مؤاخذات في حالات محددة.
وعلى مستوى المجالس الجهوية للحسابات، بلغت الغرامات المحكوم بها حوالي 3.927.500 درهم، مع استرجاع مبالغ بقيمة تفوق 9.1 مليون درهم نتيجة للخسائر الناجمة عن مخالفات متنوعة.
هذه الأرقام تكشف عن حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الجهات الرقابية لضمان سلامة النظام المالي.

مؤسسات تحت المجهر
وبلغ عدد القضايا الرائجة أمام المحاكم المالية 12 قضية تتعلق بـ 12 جهازًا عموميًا، تورط فيها 44 شخصًا. ورغم البت في بعض القضايا، لا يزال 27 شخصًا قيد المتابعة في تسع قضايا.
أما المجالس الجهوية للحسابات فقد عالجت 253 ملفًا، حيث شكلت الجماعات المحلية نسبة 93 في المائة من الأجهزة المتابعة، وهو مؤشر واضح على طبيعة الإشكاليات المرتبطة بالتدبير المحلي.

هيمنة النيابة العامة
وتبرز النيابة العامة لدى المحاكم المالية كمصدر رئيسي لرفع القضايا بنسبة 92 في المائة، ما يعكس دورها المحوري في تفعيل آليات الرقابة.
أما على مستوى المجالس الجهوية، فوزارة الداخلية تظل المصدر الخارجي الوحيد، مما يعكس مركزية دورها الرقابي في متابعة المخالفات.

صفقات عمومية ومداخيل غير محصلة
وتوزعت الأفعال موضوع المتابعة بين مخالفات تتعلق بتدبير الصفقات العمومية بنسبة 53%، و23% لعدم تحصيل المداخيل، وهي مخالفات تتركز في الإشهاد على إنجاز أعمال غير مطابقة، أو تفويت مداخيل عمومية بسبب ضعف إجراءات التحصيل.

تثبيت النزاهة والحياد
وعلى صعيد الاستئناف، أيدت هيئة الغرف المشتركة ثلاثة قرارات صادرة عن غرفة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
وأيدت غرفة استئناف أحكام المجالس الجهوية 18 حكمًا، مع إلغاء 4 أحكام ورفض طلب استئناف واحد، مما يؤكد الحزم في مواجهة المخالفات مع الحفاظ على الضمانات القضائية.

مسؤوليات واسعة وسلطات محدودة
وتوزع المتابعون بين آمرين بالصرف ومديرين مركزيين ومسؤولين تنفيذيين.
وكانت المخالفات الكبرى مرتبطة بعدم احترام القوانين التنظيمية للصفقات العمومية وقواعد إدارة الممتلكات وتحقيق الإيرادات، مما يكشف عن خلل في نظم الرقابة الداخلية.

بين التحديات والإنجازات
وتكشف هذه الحصيلة عن الجهود المبذولة لتعزيز الرقابة المالية والحد من التجاوزات. ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر هو تعزيز أنظمة الحوكمة والمراقبة الداخلية للحد من تكرار الاختلالات وتوجيه المؤسسات العمومية نحو كفاءة أكبر في تدبير المال العام، بما يحقق العدالة المالية ويحافظ على الموارد الوطنية.

ويظل هذا العمل الرقابي حجر الزاوية في مسيرة الإصلاحات المالية والإدارية التي تسعى إلى تعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة في المغرب.

 

آخر الأخبار