إسكوبار الصحراء.. 89 مليون درهم تفجر الجدل في محاكمة الناصيري

شهدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء واحدة من أكثر الجلسات إثارة للجدل في قضية معروفة إعلاميًا بـ"إسكوبار الصحراء"، التي صنفت كواحدة من أخطر القضايا الجنائية الحالية.
وتدور القضية حول شبكة مكونة من 28 شخصاً متهمين بتكوين تنظيم دولي لتجارة المخدرات.
وتبرز من بين المتهمين شخصيات معروفة، مثل سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي، وعبد النبي بعيوي، رئيس جهة الشرق السابق.
هذا المزيج من الأسماء البارزة جعل الجلسات تتحول إلى مشهد مثير يتابعه الجميع بشغف.
طيلة الجلسات السابقة، ظل المتهمان ينكران بشدة أي صلة لهما بالشبكة الإجرامية المزعومة، مؤكدين براءتهما من التهم الثقيلة التي تلاحقهما، والتي تشمل تكوين عصابة إجرامية وتبييض الأموال.
وركزت الجلسة الأخيرة على الدفوع الشكلية، حيث أثار دفاع المتهمين نقاطًا قانونية جدلية.
وقدم دفاع عبد النبي بعيوي دفوعًا تفند الاتهامات الموجهة إليه، مشيرين إلى غياب الأدلة التي تربط موكلهم بالشاحنات التي يُزعم أنها استُخدمت لنقل المخدرات.
وقال الدفاع إن الاتهامات بنيت على تصريحات متناقضة وغير مدعمة من أحد المتهمين الرئيسيين، وهو تاجر مخدرات يحمل الجنسية المالية.
هذا الأخير زعم إرسال شاحنات إلى بعيوي، لكن دون تحديد ظروف العملية، مما يضعف الاتهام ويثير تساؤلات حول مصداقية الشهادة، وفقا لما أكده دفاع المتهم.
فيما يتعلق بسعيد الناصري، اختار دفاعه أن يوجه ضرباته نحو نقطة حساسة ومثيرة للجدل: تقادم التهم المنسوبة إليه.
وبرؤية واثقة، نفى الدفاع بشكل قاطع المزاعم حول امتلاك الناصري مبالغ مالية خيالية وشبكة من الشقق الفاخرة.
وأشار الدفاع إلى أن معظم التهم، التي تشمل تهريب المخدرات والاحتيال وتزوير وثائق، تعود إلى ما قبل عام 2013، وهو ما يجعلها، وفقًا للقانون المغربي، غير قابلة للملاحقة القانونية بعد مرور أكثر من أربع سنوات.
واحدة من النقاط الأكثر إثارة في الجلسة كانت تلك المتعلقة بالمبالغ المالية التي يُزعم أنها تخص سعيد الناصري.
ووفقًا لمحاضر الضابطة القضائية، يمتلك الناصري مبلغًا ضخمًا قدره 89 مليون درهم، بالإضافة إلى 42 مليون درهم في حساب ابنه، إلا أن الدفاع نفى صحة هذه الأرقام، ووصفها بالخيالية.
وأضاف الدفاع أن المتهم الرئيسي مستعد للتبرع بهذه الأموال لمؤسسات خيرية إذا ثبتت صحتها.
القضية أخذت منعطفًا آخر حين تطرق الدفاع إلى موضوع ممتلكات الناصيري.
كما قدم الدفاع، وثائق تثبت أن موكلهم لم يكن يمتلك سوى شقتين، وأنه باعهما في وقت سابق، نافيًا أي علاقة له بالشقق الأخرى المذكورة في التحقيقات.
لكن الادعاء أصر على وجود تناقضات في أقوال المتهم، وطالب بمزيد من التحقيقات.
في نهاية الجلسة، قررت هيئة المحكمة تأجيل المحاكمة إلى الأسبوع المقبل لاستكمال مرافعات الدفاع، مما يترك الباب مفتوحًا أمام المزيد من التطورات المثيرة.
وتستمر القضية، التي تحمل مزيجًا من السياسة، الرياضة، والجريمة المنظمة، في شد انتباه الشارع المغربي، بينما تتجه الأنظار إلى الجلسات القادمة لمعرفة مصير المتهمين وما إذا كانت الحقيقة ستظهر أخيرًا.