فضيحة تهز البرلمان.. تلاعبات وسماسرة يتحكمون في القطاع الصحي الخاص

في جلسة مثيرة للجدل بمجلس النواب، فجّر رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، فضيحة مدوية تتعلق بتلاعبات خطيرة داخل بعض المصحات الخاصة في المغرب.
وأوضح حموني أمام وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية، أن هذه المصحات تلجأ إلى سماسرة لاستقطاب المرضى، حيث يتم تقديمهم على شكل حملات طبية وهمية.
وبيّن أن الهدف الحقيقي وراء هذه العمليات هو تعبئة ملفات طبية يتم إرسالها إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بغرض الحصول على تعويضات عن كشوفات وعمليات لم تتم فعليًا، وهو ما يشكل استنزافًا خطيرًا للموارد المالية المخصصة للصحة.
وأثار حموني في مداخلته حقائق صادمة، أبرزها أن حوالي 493 مصحة خاصة تتركز في المدن الكبرى فقط، مما يضع القطاع الخاص في موقع قوة مقارنة بالقطاع العام في مجال الصحة.
وأشار إلى أن 95% من تعويضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تُخصص للقطاع الخاص، إضافة إلى 80% من تعويضات الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (كنوبس)، وهو ما يؤكد الهيمنة الواضحة للقطاع الخاص على موارد التأمين الصحي.
كما أشار إلى غياب الرقابة الفعلية على المصحات الخاصة، داعيًا إلى ضرورة تدخل الهيئة العليا للصحة التي لم تصدر بعد النصوص التنظيمية اللازمة رغم مرور ستة أشهر على إحداثها.
وفي سياق الرد على هذه الاتهامات، كشف أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتوسيع نطاق التأمين الصحي الإجباري ليشمل 22 مليون مغربي إضافي.
وأوضح الوزير أن هذا التوسع شمل أكثر من 11.3 مليون مستفيد، من بينهم 4 ملايين أسرة تم تحويلها تلقائيًا من نظام "راميد" إلى نظام "آمو تضامن".
وأكد أن الحكومة بذلت جهودًا جبارة في زمن قياسي لتنزيل مشروع التغطية الصحية الشاملة، مشيرًا إلى تسجيل تقدم ملحوظ في رقمنة القطاع الصحي واعتماد الملف الطبي الرقمي لتسهيل تتبع الحالات وضمان شفافية العمليات.
ورغم هذه الجهود، إلا أن التهراوي اعترف بالتحديات التي تواجه الحكومة في التحكم في النفقات الصحية مع الحفاظ على جودة الخدمات المقدمة.
وأشار إلى أن الحكومة اعتمدت استراتيجية متعددة المحاور تشمل الوقاية من الأمراض، خاصة المزمنة منها، واعتماد سياسة دوائية فعالة، وتسريع تفعيل مسلك العلاجات والبروتوكولات العلاجية الإلزامية.
كما أعلن أن الحكومة تركز حاليًا على تعميم سلة العلاجات على جميع المواطنين، مع التطلع لاحقًا إلى توسيع هذه السلة لتشمل علاجات جديدة وإعادة النظر في التعريفات المرتبطة بها.
وتظل هذه القضايا المحورية في صلب النقاش العام حول إصلاح قطاع الصحة بالمغرب، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بضمان التوازن بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز الشفافية والرقابة في استخدام موارد التأمين الصحي.
ويبقى السؤال مطروحًا حول مدى قدرة الحكومة على معالجة هذه الإشكاليات وتوفير خدمات صحية متكاملة وعادلة لجميع المغاربة.