التعليم العمومي المغربي.. أرقام صادمة واتهامات متبادلة داخل البرلمان

الكاتب : انس شريد

13 يناير 2025 - 08:30
الخط :

في جلسة برلمانية ساخنة، أثار محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، العديد من القضايا الشائكة التي تواجه التعليم العمومي بالمغرب، بدءاً من تدهور مستوى التعلمات الأساس في المدارس الابتدائية، مروراً بمشاكل النقل المدرسي في العالم القروي، ووصولاً إلى الجدل حول تسقيف سن الولوج إلى مهن التربية والتكوين.

هذه الملفات أثارت نقاشاً واسعاً داخل قبة البرلمان، حيث وجه النواب انتقادات حادة للحكومة، مطالبين بحلول عاجلة وفعالة للنهوض بالمنظومة التعليمية ومواجهة الفوارق المجالية.

ولم يتردد الوزير برادة، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، في الاعتراف بحجم الإشكاليات، مشيراً إلى أن ثلثي التلاميذ في نهاية السلك الابتدائي لا يتقنون العمليات الحسابية ولا يجيدون العربية ولا يفهمون الفرنسية.

وأوضح أن هذه الاختلالات تسهم بشكل مباشر في تفاقم ظاهرة الهدر المدرسي، حيث سجلت الوزارة نحو 160 ألف حالة انقطاع عن الدراسة في مرحلة الإعدادي وحدها.

للرد على هذه التحديات، أطلق برادة مشروع "مدارس الريادة"، الذي يعتمد على منهجية "TaRL" للدعم التربوي، بهدف تحسين مستوى التلاميذ في اللغات والرياضيات.

ووفقاً لكلمة الوزير، فإن المشروع تم تعميمه على 2000 مؤسسة تعليمية، ليستفيد منه أكثر من 1.3 مليون تلميذ، مع هدف بلوغ 3 ملايين مستفيد في السنوات المقبلة.

في سياق آخر، أثار برادة قضية النقل المدرسي، محملاً المسؤولية لمجالس العمالات والأقاليم، بما في ذلك تلك التي يرأسها بعض البرلمانيين.

وجاءت كلمة الوزير رداً على انتقادات النواب الذين سلطوا الضوء على معاناة أطفال القرى مع خدمات النقل المدرسي، حيث أشاروا إلى نقص الحافلات وضعف صيانتها وارتفاع التكاليف المفروضة على الأسر الفقيرة.

واعتبر النواب أن غياب آليات واضحة للمراقبة والتتبع يفاقم الوضع، ويؤدي إلى تعميق الفوارق المجالية وزيادة نسب الهدر المدرسي في المناطق النائية.

في المقابل، دافع برادة عن قرار تسقيف سن الولوج إلى مهن التربية والتكوين عند 30 سنة، معتبراً أن هذا الإجراء يهدف إلى تجويد المنظومة التعليمية.

وأوضح أن معدل أعمار الناجحين في مباراة ولوج المراكز الجهوية لا يتجاوز 23 سنة، بينما تبلغ نسبة المترشحين الناجحين الذين تتراوح أعمارهم بين 29 و30 سنة نحو 4% فقط.

وأشار الوزير إلى أن هذا القرار يستند إلى خلفيات موضوعية تسعى إلى توفير أفضل الكفاءات الممكنة للقطاع التعليمي.

وسط هذا النقاش الحاد، تبدو الصورة واضحة: التعليم العمومي في المغرب يواجه تحديات متعددة الأبعاد، تتطلب إصلاحات جذرية وشاملة. مشروع "مدارس الريادة" يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح لتحسين جودة التعلمات، لكنه يظل بحاجة إلى موارد إضافية وآليات متابعة صارمة لضمان تحقيق أهدافه.

أما قضية النقل المدرسي، حسب النواب في قبة البرلمان، تتطلب تنسيقاً أكبر بين الوزارات المعنية والمجالس الإقليمية لمعالجة الاختلالات التي تعيق استفادة أطفال القرى من حقهم في التعليم.

وفي قبة البرلمان تعالت الأصوات بمزيد من الجرأة في مواجهة هذه التحديات، بينما تعهد الوزير برادة بمواصلة العمل على تحسين المنظومة التعليمية، مؤكداً أن التعليم يظل أولوية وطنية تتطلب تضافر جهود الجميع لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

آخر الأخبار